شؤون دينية

الشيخ عبد الله نهاري: التراويح نافلة ولا ينبغي أن تتحول إلى سبب لإثارة التوتر في ترّاسة

أحمد العمري – ترّاسة، جهة برشلونة

يشهد مسجد بدر في منطقة ترّاسة بجهة برشلونة إقبالًا كبيرًا خلال شهر رمضان، حيث يتجمع المصلون بأعداد تفوق طاقة استيعاب المسجد، مما يضطر بعضهم إلى الصلاة في الشارع المحاذي للمسجد. هذا الوضع يؤدي إلى إغلاق الطريق العام يوميًا خلال أوقات الصلاة، مما أثار جدلًا بين السكان المحليين، خاصة أن الشارع يُستخدم كمخرج لموقف سيارات أرضي وآخر جانبي، وهو ما يعطل حركة المرور ويؤثر على ساكنة المنطقة.

وقد استغلت بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل حزب “VOX”، هذه القضية لشن حملات ضد المسلمين، مدعيةً أن إغلاق الطريق يشكل تجاوزًا للقوانين ويعرقل الحياة العامة. في المقابل، يرى المصلون أن المسجد غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة، خاصة في ليالي رمضان، وأن الصلاة في الشارع ليست خيارًا دائمًا، بل ضرورة مؤقتة تُجرى وفق القوانين المعمول بها.

إسبانيا دولة تضمن حرية العبادة، لكنها تفرض أيضًا قوانين صارمة بشأن استخدام الفضاء العام، وضرورة احترام حركة المرور وحقوق السكان. من الناحية الدينية، يؤكد الفقهاء على أهمية أداء الصلاة، لكنهم يشددون أيضًا على ضرورة تجنب الإضرار بالآخرين، استنادًا إلى الحديث النبوي: “لا ضرر ولا ضرار”.

وفي هذا السياق، صرح الشيخ والأستاذ عبد الله نهاري لموقع كتالونيا24 بأن وجود المسلمين في بلاد غير إسلامية يجب أن يكون وجود رحمة، وأي تصرف يثير العداء تجاه الإسلام ينبغي تجنبه، مؤكدًا أن المسلم مسؤول عن تقديم صورة إيجابية عن دينه من خلال سلوكه ومعاملاته.

وأضاف على ضرورة عدم التضييق على السكان بعباداتنا، لأن الله سبحانه غني عن عباداتنا، ولا ينبغي أن تؤدي ممارسة العبادات إلى نفور الناس من الإسلام، مع مراعاة العواقب والمآلات، فطلب الشرطة لقطع الطريق قد يكون قانونيًا، لكن إذا أدى ذلك إلى احتجاجات وعداء، فلا فائدة من هذا التصرف. فالتراويح نافلة، وليست فرضًا، ولا ينبغي أن تتحول إلى سبب لإثارة التوتر، وقال انه من الافضل البحث عن بدائل قبل حلول رمضان، مثل استئجار قاعات أوسع أو إيجاد ترتيبات أخرى، بدلًا من الاعتماد على الصلاة في الشارع، وفي حال تعذر ذلك يمكن تنظيم صلوات التراويح على دفعتين داخل المسجد أو توجيه بعض المصلين للصلاة في منازلهم.

أمام هذا الوضع، يطرح السؤال: كيف يمكن تحقيق التوازن بين حرية العبادة واحترام النظام العام؟ هناك عدة حلول يمكن مناقشتها، منها تعزيز الحوار بين الفعاليات الدينية والمدنية لإيجاد حلول وسط تضمن احترام الجميع.

تنظيم حركة المصلين داخل المسجد وخارجه لتقليل التأثير على الطريق العام.

فتح قنوات تواصل مع المجتمع المحلي لشرح طبيعة الحدث ومحاولة إيجاد تفهم متبادل.

من جانبه، أكد السيد محمد الغيدوني، رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية بكتالونيا، أن بعض الأنشطة الخاصة بالمسلمين تُواجَه بالاعتراض، رغم أن التظاهرات والكرنفالات والاحتفالات الدينية الأخرى، مثل “الأسبوع المقدس” (Semana Santa)، تُقام في الشارع العام دون إثارة الجدل.

وأشار إلى أن إغلاق الطريق العام خلال شهر رمضان يتم بترخيص قانوني من السلطات المختصة، موضحًا أن الجهات المسؤولة توفر على موقعها الإلكتروني نموذجًا رسميًا لطلب استغلال الطريق العام، وهو ما قام به مسؤولو مسجد بدر بترّاسة للحصول على تصريح بقطع الطريق خلال شهر رمضان.

يظل التعايش المشترك بين مختلف الثقافات في إسبانيا مسؤولية الجميع، ويتطلب حلولًا عقلانية تحترم حقوق الجميع، دون تأجيج التوترات أو استغلال القضايا الدينية لأغراض سياسية. الحل يكمن في إيجاد توازن بين حرية العبادة واحترام القوانين المحلية، بما يضمن ممارسة الشعائر الدينية دون الإضرار بالمجتمع المحيط.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى