المعاملة غير اللائقة بالمسنين في القنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة: قصة مواطن مغربي نموذجًا.

أحمد العمري/ برشلونة.

تُعَدُّ القنصليات العامة بمثابة جسر بين المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج ووطنهم الأم، إذ تُناط بها مهمة تسهيل مصالحهم الإدارية، خاصة عندما يتعلق الأمر بفئات هشة كالمسنين والمتقاعدين. لكن الواقع، كما تظهره بعض الشهادات، يبدو بعيدًا عن هذه الأهداف النبيلة.

في هذا السياق، تبرز قصة مؤلمة لمواطن مغربي من مواليد عام 1943، يعكس معاناته الوجه الآخر للممارسات غير الإنسانية التي يواجهها بعض المغاربة في قنصلية المملكة المغربية ببرشلونة.

قادت الظروف هذا المواطن المسن إلى القنصلية لتجديد البطاقة الوطنية لزوجته القعيدة، التي لا تستطيع الحركة أو الكلام، بينما كان يدفع كرسيها المتحرك ببهو القنصلية. وفي غفلة منه، تمت سرقة محفظته التي كانت تحتوي على جميع وثائقه الثبوتية، بما في ذلك البطاقة الوطنية، جواز السفر، وبطاقة الإقامة الإسبانية.

بعد أيام، عاد المواطن المسن إلى القنصلية لتجديد جواز سفره المسروق، ليجد أن التعقيدات البيروقراطية في انتظاره. أبلغه حارس الأمن الخاص أنه بإمكانه الدخول للمصلحة المختصة، لكن الموظفين هناك أصروا على ضرورة حجز موعد مسبق. هذا المطلب أثار استياءه، إذ كيف يُطلب من رجل تجاوز الثمانين، يعاني ظروفًا صحية صعبة، أن يخضع لهذا الإجراء البيروقراطي؟

لم تكن معاناته مقتصرة على ذلك فقط. فزوجته، النزيـلة في إحدى دور العجزة بإسبانيا، تحتاج أيضًا إلى تجديد جواز سفرها. إلا أن القسم الاجتماعي بالقنصلية يبرر تأخير معالجة ملفها بكثرة الملفات المتراكمة، متجاهلين وضعية هذه الأسرة المسنة التي تعيش ظروفًا قاهرة.

أكثر ما يثير الاستغراب هو غياب الحس الإنساني لدى بعض الموظفين المسؤولين، الذين يفترض أن يكونوا في خدمة المواطن، خصوصًا الفئات الأكثر هشاشة. الممارسات البيروقراطية التي تُطبّق بصرامة على المسنين تثير تساؤلات حول مدى التزام هذه المؤسسات بمسؤولياتها الأخلاقية والإدارية.

أما على المستوى القيادي، فيبدو أن المسؤول في الطابق الثالث، ممن تُناط به مهمة الإشراف على سير العمل، يعيش في عزلة تامة عن هموم المواطنين اليومية. همّه الأساسي، كما يقول المثل المغربي، وكل ما يطب “الله يخرج سربيسو على خير “.

في ظل هذا الوضع، يُعبر المواطن عن استيائه من غياب الرقابة والمحاسبة داخل هذه المؤسسة. ويرى أن عدالة السماء هي الملاذ الأخير لتحقيق الإنصاف.

إن هذه القصة ليست مجرد حادثة فردية، بل تُجسّد معاناة فئة كبيرة من المغاربة الذين قضوا عقودًا في المهجر، مساهِمين في الاقتصاد الوطني بتحويلاتهم المالية، ليجدوا أنفسهم عند الحاجة في مواجهة بيروقراطية معقدة ومعاملة تفتقر إلى أدنى درجات الإنسانية.

نناشد المسؤولين التدخل العاجل لإعادة النظر في آليات عمل القنصليات وضمان تقديم معاملة لائقة للمواطنين، خاصة كبار السن والمتقاعدين، وتفعيل رقابة حقيقية على أداء الموظفين، حتى لا تبقى هذه المؤسسات مجرد شعارات فارغة من مضمونها.

الأبناء الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل وطنهم يستحقون التكريم لا التهميش، والمعاملة الكريمة لا التجاهل.

تعليقات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد