سوية الجنوب: حول الهوية الثقافية والبعد الديني.
جميلة سعدون. تناولت العديد من النقاشات حول المسألة النسائية تداخل ابعاد مختلفة ببعضها البعض وتاثيرهاعلى العلاقات الاجتماعية بشكل عام وواقع النساء بشكل خاص. في مرحلة اولى تمحورت النقاشات حول تداخل البعد الطبقي بباقي الابعاد المرتبطة مع ابعاد بالنوع واللون والاصل الاجتماعي والهوية الثقافية. وفي مرحلة ثانية بدأت النقاشات تمتد لتناول تداخل الهوية الثقافية بالبعد الديني باعتباره مكون سوسيو ثقافي في العديد من البلدان لتخلص الى تاثير تداخل هذين البعدين على واقع النساء ونضالات الحركة النسائية في ما يسمى ببلدان الجنوب. ويبدو ان للحركة النسائية في بلدان شمال افريقيا فائدة في الاطلاع على هذه النقاشات نظرا لتشابه الوضع في هذه البلدان مع ما تطرحه هذه النقاشات من افكار. تعميما للفائدة سنتناول هنا وجهة نظر إحدى النسويات اللواتي اشتغلن حول هذا الموضوع وهي المناضلة النسوية البلجيكية اورلي لوري (Aurelie Lorey). من خلال دراستها للحركة النسائية في سيريلنكا والشيلي والعراق والمكسيك والصين، وقفت اورلي لوري على اختلاف الحركات النسائية في هذه البلدان، لتخلص الى سمة التعدد داخل ما يسمى بنسوية الجنوب (احد تيارات الموجة النسوية الثالثة). وقد ساهمت نسوية الجنوب من وجهة نظر اورلي لوري في إبراز التمايزات التي تخترق فئات النساء، كما ساهمت في تعرية الاسس التي ترتكز عليها علاقات السلطة. وهي مساهمة تمد الحركة النسوية العالمية بتفكير وممارسة جديدين لم يكن لهما حضور لدى نسوية بلدان الشمال (البلدان الغربية). هذا الاختلاف هو ما يغذي في نظر اولي لوري علاقات التوتر بين نسوية الجنوب ونسوية الغرب، التي تعود في نظرها الى أسباب مرتبطة بالنظرة الاستعمارية المتحكمة في علاقة الغرب ببلدان الجنوب. هذه النظرة الاستعمارية التي تترجم على الصعيد السياسي في الاستعمال الأدواتي لقضايا النساء كسلاح في الحروب والتدخلات الامبريالية. وكمثال على ذلك، تتطرق اورلي لوري الى التدخل الامريكي والاوربي في افغانستان مع ما رافقه من دعاية للدفاع عن حقوق النساء و الدور الوظيفي الذي لعبته المنظمات الغير حكومية في مواجهة هجوم القوى المحافظة على حقوق النساء. وفي سياق تناولها لعلاقة التحرر بالدين تشير اورلي لوري الى صواب رؤية تيار نسوية الجنوب الداعية الى ضرورة دمج البعد الديني لإسماع صوت النساء لكن دون التخلي عن المرجعية الكونية لحقوق الانسان والبحث عن نقط التكامل بين الاسلام بعد تحريره من الابوية والمسألة النسائية بعد اغنائها بالتعددية الثقافية والسوسيو اقتصادية. لكن اولي لوري وهي تتناول بايجابية مواقف، تدعو الى تجنب “تقديس الهوية الخصوصية” كتعبير غير سليم عن رفض “هيمنة الشمولية الكونية “. فخصوصيات عهد الانبياء لم تعد قائمة وقد انتهت بانتهاء سياقها التاريخي والاجتماعي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- اورلي لوري (Aurelie Lorey ) مناضلة نسوية ومؤرخة من اصل بلجيكي. وهي منسقة دراسات في مركز القارات الثلاث) TRICONTINENTALE ( ومنسقة في فريق مجلة وايضا منسقة لمجلة ’’دينامية الجنوب SUD EN MOUVEMENT T’’]]>