قمع بوليس الدولة لموظفي الدولة : حماية من ضد من؟
إن ما حدث يوم 20 فبراير2019 بالرباط هو بالتأكيد أمر مستهجن و مقرف وشاد ولا يستحق اقل من الشجب والإدانة، لكنه ليس حدثا استثنائيا، فقد سبقته أحداث أكثر بشاعة وأكثر مدعاة للاستهجان والشجب. هو ادن مسلسل يستحق أكثر من الشجب والاستهجان. لماذا؟
ما حدث بالرباط يوم 20 فبراير ليس مجرد “إفراط في استعمال القوة ” أي عدم تناسب حجم وشكل استعمال القوة من قبل القوات العمومية لحماية الأمن العام . فلو كان الأمر كذلك، لتم اعتبار ما حدث، يدخل ضمن وظيفة السلطة العمومية. فالدولة ، وبغض النظر عن الموقف من طبيعة نظامها السياسي، هي في نهاية التحليل”أداة إكراه” ، تمارس العنف غير المباشر بواسطة القانون والعنف المباشر عن طريق القوة. ويحدث في كثير من الأحيان، أن تتدخل الشرطة لتفريق المتظاهرين بعنف، بما في ذلك داخل البلدان التي تحضى دولها بلقب “دولة الحق والقانون” وتتصف أنظمتها السياسية بصفة “الأنظمة الديمقراطية”. وفي مثل هذه الحالات، تتم معارضة الاستعمال المفرط للقوة عن طريق الوسائل الشرعية التي يسمح بها القانون (الإدانة والشجب والمسائلة البرلمانية…إلى غيره من وسائل العمل الشرعي).
لكن ما وقع بالرباط يوم 20 فبراير لا يندرج ضمن خانة “الإفراط في استعمال القوة” خلال تدخل “السلطة العمومة” بهدف “حماية الأمن العام ” بل هو استعمال ” للسلطة العمومية” وتسخير لأجهزتها الأمنية للاعتداء على موظفي عموميين في الشارع العام.
إن ما وقع يستدعي لوضعه في سياقه منح “العقل حقوقي” رخصة مرض مؤقتة لعجزه عن تفسير مواجهة ما جرى واستدعاء “العقل النقدي” لتشخيص الحالة الراهنة للجسم الاجتماعي المغربي لمساعدة “العقل السياسي” على بلورة وصفة علاج استعجالية ضد وباء الدولة البوليسية الذي يهدد قلب وروح المجتمع بعد أن نخر كل أعضائه الحيوية.
وما دامت النخبة المفكرة فقدت عقلها النقدي والطبقة السياسية تفتقد إلى العقل السياسي…….فان “الحركة الاجتماعية” المغربية، لكي تكون حركة عاقلة، مدعوة إلى تشغيل “عقلها النقدي” والاعتماد على “عقلها السياسي” لبلورة وصفة ” دفاع ذاتي” ضد وباء الدولة البوليسية.