من يتحمل مسؤولية دعوة ومحاولة الهروب الجماعي من طرف البعض بالمواقع الإجتماعية.
أحمد العمري/ جهة برشلونة.
في 15 سبتمبر 2024، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشارًا واسعًا لدعوة “الهروب الجماعي” من المغرب عبر مضيق سبتة، مما أثار ضجة كبيرة في الرأي العام المغربي والدولي. هذه الدعوة، التي اجتاحت المنصات الرقمية بسرعة، لقيت تجاوبًا ملحوظًا من مئات المغاربة، أغلبهم من الشباب القاصرين الذين ينتمون إلى مختلف المناطق في المغرب. يوضح هذا التفاعل الكبير حجم الأزمة التي تعيشها بعض الفئات في المجتمع، خاصة الشباب الذين يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية جسيمة.
السلطات المغربية سارعت إلى الرد على هذه الدعوات عبر اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في المناطق الحدودية، خصوصًا عند مضيق سبتة، لمنع الهجرة غير القانونية. كما أصدرت الحكومة تصريحات تدعو إلى الحذر من الانسياق وراء مثل هذه المبادرات غير المسؤولة التي تعرض حياة الكثيرين للخطر.
من يتحمل المسؤولية عن هذا المستوى من اليأس الذي دفع الشباب والقاصرين، الذين لم يكملوا تعليمهم بعد، إلى التفكير في الهروب الجماعي؟ هل الوضع في المغرب حقًا يتسم بهذا القدر من السواد؟
هنا، يثار السؤال حول دور الحكومة والدولة والأحزاب السياسية في خلق بيئة يشعر فيها الشباب بانسداد الأفق. رغم أن المغرب فتح في السنوات الأخيرة عدة أوراش تنموية واقتصادية كبرى، كان آخرها تنظيم كأس العالم لعام 2030، إلا أن هذه المبادرات لم تصل إلى بعض الفئات المهمشة، خصوصًا في المناطق الريفية أو الحضرية التي تعاني من البطالة والفقر.
تتحمل الحكومة المغربية جزءًا من المسؤولية عن هذا الوضع نتيجة لعدم قدرتها على توفير فرص كافية للشباب في مجالات التعليم والعمل. رغم وجود مشاريع كبيرة، مثل كأس العالم الذي قد ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني، فإن الكثير من الشباب لا يشعرون بأنهم جزء من هذه النجاحات أو الاستثمارات. يظل التحدي الأكبر في كيفية توجيه هذه المشاريع لتنمية الفئات الشابة وتقديم حلول فعلية لمشاكل البطالة والتعليم.
من ناحية أخرى، تقع المسؤولية أيضًا على الأحزاب السياسية التي لم تتمكن من خلق حوار فعال مع الشباب أو من تقديم برامج واقعية تلبي احتياجاتهم. تعتمد بعض الفئات على الحلول الفردية للهروب من الواقع، سواء عبر الهجرة أو الانضمام إلى دعوات خطرة مثل “الهروب الجماعي”.
رغم التحديات، لا يمكن القول إن الوضع في المغرب هو بالضرورة سوداوي بالكامل. هناك فرص، وهناك مشروعات تنموية تعمل على تحسين الظروف، لكن توزيع هذه الفرص بصورة عادلة وفعالة يبقى العقبة الأكبر.
المغرب ليس سوداويًا بالكامل، لكنه مليء بالتحديات. ورغم أن الدولة نجحت في إطلاق مشاريع تنموية كبرى تسهم في رفع مستوى البلاد على المستوى الدولي، إلا أن الفجوة بين هذه المشاريع والواقع اليومي للشباب تبقى كبيرة. تتجلى الأزمة في عدم توزيع الفرص بشكل عادل، مما يخلق إحساسًا باليأس لدى الفئات التي لم تصل إليها هذه الإنجازات.
المسؤولية في خلق مناخ اليأس والشعور بعدم الأمان الاقتصادي والاجتماعي تقع على عاتق مختلف الأطراف: إذ على الحكومة أن تركز على توزيع عادل لثمار التنمية، والأحزاب السياسية يجب أن تقدم برامج حقيقية وفعالة تستهدف الشباب. هناك حاجة ملحة إلى إصلاحات جذرية في التعليم وسوق العمل وإشراك الشباب في صناعة القرار لضمان مستقبل أكثر إشراقًا.