كتالونيا24.
بعد اغتيال قادة من حزب الله، المتعلقة بينهم حسن نصر الله، تظهر مجددًا التساؤلات حول من يوقف الجرائم الصهيونية الإسرائيلية المتواصلة. هذه الجرائم ليست جديدة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، ولكن تصعيدها بإغتيالات تستهدف رموز المقاومة يفتح الباب لمزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
الصراع لا يقتصر على استهداف قادة فقط، بل هو امتداد لسياسة طويلة تعتمد على القوة العسكرية والانتهاكات المستمرة لحقوق الفلسطينيين والشعوب العربية. هذه الجرائم تُرتكب في ظل صمت دولي أو تواطؤ بعض القوى الكبرى التي تدعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً.
من يوقف هذه الجرائم؟ هذا السؤال يبقى مرتبطًا بتوازنات القوى الدولية والإقليمية. القوى المقاومة مثل حزب الله، والحركات الفلسطينية المقاومة، تلعب دوراً في التصدي لهذه الاعتداءات، ولكن الدور الأكبر يقع على عاتق المجتمع الدولي، والدول الكبرى التي تمتلك القدرة على فرض العقوبات واتخاذ قرارات حازمة. التحرك الشعبي والسياسي العربي هو أيضًا عامل حاسم في الضغط نحو إنهاء الاحتلال وإنهاء هذه الجرائم.
يُعد الصمت الدولي أمام الجرائم الإسرائيلية المتكررة، بما في ذلك اغتيال قادة من “حزب الله” وغيره من الفصائل، موضوعاً شائكاً ومعقداً ترتبط به عدة عوامل سياسية، اقتصادية، واستراتيجية، وهو ما يجعل الدول والمنظمات الدولية تتعامل بحذر في إدانة أو محاسبة إسرائيل. فيما يلي أبرز الأسباب التي قد تفسر هذا الصمت الدولي:
إسرائيل تتمتع بدعم قوي من بعض القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الدعم ليس فقط سياسياً، بل يتضمن مساعدات عسكرية واقتصادية هائلة. وجود تحالفات استراتيجية بين إسرائيل وهذه الدول يجعل من الصعب على الأخيرة اتخاذ مواقف حازمة إزاء ممارسات إسرائيل، خوفاً من الإضرار بمصالحها أو علاقاتها الاقتصادية والسياسية.
إسرائيل تُعتبر، بالنسبة للغرب خاصة، حصناً في وجه تمدد بعض القوى الإقليمية مثل إيران، التي تربطها علاقات وثيقة بحزب الله. الكثير من الدول الغربية ترى في بقاء إسرائيل قوية مصلحة لتحقيق التوازن في الشرق الأوسط ضد النفوذ الإيراني وحلفائه، مما يؤدي إلى تجاهل بعض الممارسات الإسرائيلية حتى لو كانت غير قانونية أو غير أخلاقية.
تلعب جماعات الضغط الموالية لإسرائيل دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام والسياسات في العديد من الدول، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا. هذه الجماعات تعمل على تعزيز صورة إسرائيل كضحية وتحاول تبرير أفعالها من منطلق “الدفاع عن النفس”، مما يُعقّد من أي محاولات لإدانة إسرائيل على المستوى الرسمي.
رغم الانتقادات المستمرة من الدول العربية والإسلامية، فإن الردود غالباً ما تكون مقتصرة على البيانات والإدانات الدبلوماسية دون اتخاذ إجراءات فعّالة للضغط على المجتمع الدولي. كما أن الانقسامات بين الدول العربية، وعدم وجود موقف موحد وقوي ضد إسرائيل، يزيد من ضعف التأثير العربي على الساحة الدولية.
تُظهر بعض الدول ازدواجية في معاييرها عند التعامل مع قضايا الشرق الأوسط. ما يُدان في سياقات أخرى قد يتم التغاضي عنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. هذه الازدواجية تعزز الشعور بالإفلات من العقاب لدى إسرائيل وتجعلها تستمر في ارتكاب انتهاكاتها دون خشية من رد فعل دولي قوي.
كثير من الدول الغربية تعتبر “حزب الله” منظمة إرهابية، وبالتالي، تتبنى الرواية الإسرائيلية التي تعتبر الاغتيالات جزءاً من “الحرب على الإرهاب”. هذا المنظور يسمح لإسرائيل بالحصول على دعم ضمني أو على الأقل غض الطرف عن أعمالها، بحجة الدفاع عن أمنها القومي.
الإعلام العالمي، خاصة الغربي، يلعب دوراً في تشكيل الرأي العام حول الصراع العربي-الإسرائيلي. التركيز في الإعلام الغربي غالباً ما يكون على ما يتعرض له الإسرائيليون من تهديدات دون تسليط الضوء بشكل كافٍ على الجرائم الإسرائيلية أو معاناة الفلسطينيين وحلفائهم. هذه الصورة المشوهة تجعل من الصعب تحفيز ردود فعل دولية قوية ضد إسرائيل.
الصمت الدولي أمام الجرائم الإسرائيلية، بما في ذلك اغتيال قادة من “حزب الله”، يعكس تداخلات معقدة من المصالح السياسية والأمنية، وتأثير اللوبيات الموالية لإسرائيل، وازدواجية المعايير الدولية. هذا الصمت هو نتيجة مزيج من التحالفات الجيوسياسية، الخوف من التأثيرات الاقتصادية، وتشكيل الرأي العام عبر الإعلام، مما يجعل من الصعب كسر هذه الحلقةالمستمرة من الإفلات من العقاب.