نقطة نظام.
رفاقي العقلاء ، باختصار ماذا نريد .. نعم نحن نريد فكرا متنورا ، مستقلا ، متحررا ، اشتراكيا … نريد هذا الفكر ونريده أن يلعب دورا طليعيا في تجذير الفكر الثوري الضامن الاساسي لتثبيت اسس العدالة الاجتماعية ، كما نريده ان يلعب دورا طليعيا في تعزيز نهج السياسة المعادية للإمبريالية والصهيونية ، لا على المستوى المحلي والاقليمي فحسب ، بل على المستوى الدولي .. نريده هكذا ، ونريده فكرا غير منحاز ، إلا بمعنى الانحياز الى جانب الجماهير ضد مستغليها ، الانحياز الى قوى الحق ضد قوى الباطل ، الانحياز الى الموقف الصحيح ضد الموقف غير الصحيح ، الانحياز ضد البيروقراطية والرجعية على طول الخط … هذا ما نريده ايها العقلاء … هكذا نريد من فكرنا ان يكون ، وعندما نريد هذا ، لابد أن نتوقع من النقيض لهذا الفكر يريد شيئا اخر و باتجاه مضاد .
فكيف نتصرف إذن وما هو المطلوب منا في صراع المتناقضات هذا .. خاب ظننا عندما كنا نريد ان نعبد الطريق للبيروقراطية النقابية نحو موتها ، فوجدنا انفسنا عن غير وعي نحن من نمد في عمرها ، ونحن من ننخرط في نهجها ، فقط لأنها رسمت لنا طريقنا وحددت لنا حدود عملنا ، وفي اغلب الاحوال حددت لنا خطا احمر لا يمكن لنا تجاوزه في علاقتنا مع العمال … واصبحنا وللأسف بسطاء في تفكيرنا تمارس علينا السياسة ، ونطبل لخطابات هجينة ان لم أقل بليدة ..
نعم رفاقي العقلاء ، كما تقول احدى المقولات الجميلة ، كل الالوان تذبل إلا الأحمر منها .. نتمنى ( ولو أن التمني لغة الشعراء ) ، ان يظل اللون احمر هو لون افكارنا ، وان يعود القطار الى سكته ، ونعود لطرح السؤال من جديد : من نحن وماذا نريد ..
نريد أن يكون تواجدنا من داخل هذه النقابة أو تلك ، او من داخل هذه الجمعية أو تلك ، او من داحل هذا النادي أو ذاك ، تواجدا فكريا متفاعلا وفاعلا ، نحن لا نطبل لهذا أو ذاك ، ولا نمارس نضال الصالونات ، مسؤوليتنا من داخل هذه المواقع واضحة وضوح الشمس في عز النهار ، نحن هنا لفضح البيروقراطية ، وقطع الطريق على الانتهازية ، وتجذير الوعي السياسي لدى الجماهير الصانع الحقيقي للتاريخ .
أيها العقلاء ، يجب أن نبذل جهدا استثنائيا في معالجة الاخطاء ، وفي تبصير بعضنا بمواقع الخطأ ، لا نستهين بالأخطاء ، يجب علينا أن نفهم جيدا ، أن التضامن النفسي بيننا ، هو أهم عنصر في العلاقات الرفاقية ، وإن غاب هذا العنصر، غابت الثقة ، وفتح الباب على مصرعيه للتحرز وأخذ الحيطة والحذر من الاخر، الذي هو في نفس الوقت جزء من الكل ، رغما أننا نسطر بالأحمر من باب التأكيد ، على كوننا لسنا حزبا سياسيا ولا تنظيما سريا ، بل نحن مجرد فاعلين عضويين في المجتمع نحمل نفس الفكر ونفس المشروع المجتمعي ، بالأمس كنا نشكل لحمة واحدة ونحن نمارس شرف النضال الطلابي ، واليوم نجد انفسنا كل في موقعه وكل يمارس قناعاته الفكرية حسب طاقته .
أنتم تعلمون كلكم ، أن أفكارنا ما كانت لتكون ، لوْلا تلك التضحيات الجسام ، فمنا من اعتقلوا ، ومنا من استشهدوا ،
ومنا من صدقوا العهد ، ومنا من خانوا ، وهذا كله معطى طبيعي في نضالات الشعوب ، فأصابع اليد لا تتساوى إلا إذا جمعتْ ، نحن أيها العقلاء ، لا نعتبر الماضي ماضيا ، بل هو دعامة لتثبيت الأقدام نحو المستقبل ، هذا المستقبل الذي لا يمكن لنا أن نصل إليه بالفكر فقط ، وإنما بالإرادة الجماعية الناظمة للعمل التي يعزى إليها تذبير المرحلة ، بنظرة استراتيجية ، يحتل فيها التضامن النفسي موقع الشموخ ، بإعتباره الضامن الاساسي للعمل الواسع في صفوف الجماهير والتثقيف في اتجاهات الفكر الواحد الذي يجمعنا .
ايها العقلاء ، لا تراجع … إن انتصاراتكم ، وتحسن مواقعكم ، تضعكم أمام مهام جديدة ، مهام من أجل الفعل الى الأمام ، باتجاه الاهداف الاستراتيجية ، وليس ان نجلس منبهرين بما تحقق لنا .. إن تحالفاتنا وعملنا مع الاخر ، لا يعني لنا مطلقا أن ندوس على المبدأ ، يجب ان نحافظ على نقاء فكرنا ، الذي لا نريده فكرا محنطا بقدر ما هو متجدد ومنسجم مع المرحلة دون المس بخطه العريض المؤمن بالعدالة الاجتماعية ، والتقدمية والتحرر ، وسيادة الشعب على خيراته ، وجعل سياج الوطن – إن كنا لم نتحدث بعد عن الاممية – سياجا حادا كحد شفرة الحلاقة يقطع عنق كل من يحاول ضرب الاستقلال الفعلي للوطن الذي لم يعد فيه مجال متسع للاوغارشية .