نهاية معاناة المغاربة العالقين، وتدبير القنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة للمرحلة.
أحمد العمري/ برشلونة.
ترك الإجراء الاحترازي الذي اتخذه المغرب بإغلاق حدوده في وجه الرحلات االبحرية والجوية، عددا كبيرا من المغاربة بعيدين عن منازلهم وعائلاتهم، بعد الفشل في التوصل إلى حل استثنائي لإعادتهم، في ظل حالة الطوارئ الصحية.
وكرر العالقون دعواتهم لتلقي المساعدة، ونفذوا في سبيل ذلك اعتصامات ووجهوا رسائل مفتوحة ونظموا حملات على شبكات التواصل الاجتماعي.
هل تخلت المملكة المغربية والبعثات الدبلوماسية عن المغاربة العالقين بالمهجر؟
العالقون المغاربة والعودة لأرض الوطن.
” سيتم في الـ48 ساعة المقبلة إعادة المغاربة العالقين بإسبانيا، لتتسع العملية بعد ذلك، إلى تركيا وفرنسا ودول الخليج ودول إفريقية، وذلك في إطار احترام صارم لتدابير السلامة الصحية “.
إذ أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة ، يومه الثلاثاء بالرباط ، بأنه سيشرع في إعادة المغاربة العالقين بإسبانيا في الـ48 ساعة المقبلة. قال دلك في رده على سؤال بمجلس المستشارين، أن ” العملية مستمرة وهناك اشتغال للتحضير لعودة الأشخاص المتواجدين في إسبانيا، البداية ستكون من الجنوب الإسباني بجنوب البلاد ثم منطقة مدريد ومنطقة كاطالونيا، ومنطقة بلاد الباسك، على أن تشمل العملية بعد ذلك تركيا ودول الخليج وفرنسا وغيرها.
وسجل أن عمليات إرجاع المواطنين العالقين “تهم بالدرجة الأولى وأساسا الأشخاص الذين غادروا المملكة بتأشيرة قصيرة الأمد لأغراض عائلية أو إدارية أوسياحية أو علاجية ، حيث لا تشمل هذه العملية الأشخاص االذين غادروا المغرب على أساس وثيقة إقامة دائمة أو مؤقتة “.
بداية أزمة العالقين:
وجد عشرات آلاف من المغاربة الذين كانوا سواء في عطلة أو زيارة عائلية أو زيارات لأسباب طبية، أو بغرض السياحة، ومنهم من كان في حالة عبور بعد العودة من جولة سياحية، بينهم مستخدمي وأطر شركات، وكذا طلبة في دورات تكوينية، قاصرين في إطار تبادل الزيارات بين العائلات، أنفسهم فجأة عالقين في الخارج، بعدما أجبرت الأزمة الصحية ، المغرب على إغلاق حدوده وتعليق جميع الرحلات.
الحكومة والتأخر في عودة العالقين:
العودة ليس إجراءً تقنيًا، يستلزم استئجار الطائرات، أو الحصول على إذن بالتحليق أو الهبوط ، بل هي عملية معقدة تتطلب مشاركة العديد من الجهات والأطراف. ويجب ألا يغيب عن الأذهان الهدف الرئيسي الذي حرك القرار الأول، والمتمثل في الحفاظ على صحة المواطنين، ومكافحة انتشار تفشي الوباء، لم يكن هذا سوى المبرر الذي قدمته الجهات الرسمية لتبرير التأخر في فتح الحدود في وجه المغاربة للعودة لذويهم.
التحرك الدبلوماسي لإيواء العالقين:
تلقت القنصلية العامة للمملكة المغربية اولى الإتصالات بحيث تم ايوائهم بفنادق، وبعد قرار السلطات الإسبانية إغلاق الفنادق، تم نقلهم لفندق اخر، بعد أسبوع تم إغلاقه أيضا، لم يبقى سوى اللجوء لكراء الشقق والذي كان يتم بواسطة شركة إسبانية بحيث تم كراء حوالي 19 شقة لإيواء جزء من المغاربة العالقين بالمدار الترابي التابع للقنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة، كانت إسبانيا تمنع كراء الشقق ذات الطابع الفندقي مع البدايات الأولى للحجر الصحي، وأحيانا بعض المالكين يعودون للمحامين للإستشارة والحصول على الترخيص القانوني، وكانت القنصلية تعمل بتسخير علاقاتها الإدارية مع بعض الجهات الرسمية لتسهيل عملية الكراء.
القنصلية وتدبير موضوع العالقين:
في تصريح للقنصل العام للمملكة المغربية ببرشلونة عبد الله بيدود أكد على أنه تمكنا من الحصول على أثمنة تقل بحوالي 50 في المائة عن أثمنة السوق، إذ قمنا بكراء شقق ببرشلونة ب 280 أورو للأسبوع، وهو ثمن لن تجده حتى لليوم ببرشلونة، وأغلى ثمن كان هو 500 أورو وهي شقق بأربعة غرف.
وقال كنا في الصف الأول للإنقاد منذ البداية، ونعتبر هدا يدخل في إطار اختصاصنا، إد كان الفريق القنصلي الذي خاطر بصحته وصحة الأبناء والأباء، وبالإمكانيات الشخصية بالإضافة للإمكانيات القنصلية إيصال المواد الغدائية لهم بالشقق التي كانوا يقيمون بها، في فترة الذروة للوباء، مع العلم ان المستخدمين لهم عائلات ويخاطرون بالدخول والخروج إبان الحجر العام.
من بين ما يزيد على 90 قنصلية في برشلونة كنا القنصلية الوحيدة التي اهتمت برعاياها، بدليل أن لنا مواطنون بجنسيات أخرى “كندا، فرنسا، ….” والذين اتصلوا بقنصلياتهم ولم يتم التجاوب معهم، واقترح عليهم الإتصال بعائلاتهم هذا ما قامت به كل التمثيليات الدبلوماسية الأخرى هنا ببرشلونة.
من بين الإجرءات التي تم اتخاذها هو تخصيص خط هاتفي يشرف عليه موظف من القنصلية، ولتسهيل العملية تم إحداث مجموعة وات ساب لمواجهة عراقيل التواصل بين المجموعة وتفادي التنقل لتفادي ما قد ينجم عنه من مخاطرة.
وأضاف صراحة نعترف بأن هناك معاناة ولا يمكن إنكارها، ونحن نعمل بكل ما أوتينا من اجل التخفيف منها، ولا ننسى أن نشيد ما قام به المحامون في هذا المجال أخص بالذكر هنا الأستاد هلال والأستادة فاطمة الزهراء، وفي المجال الطبي الدكتور القادري.
تضاعف عدد العالقين والأسر:
تضاعف عدد المغاربة الذين تتحمل القنصلية مصاريفهم، وكان يتم في إطار الحدود الأدنى والمعقول، بحيث أكد القنصل العام على أن هدفنا هو تكميم بعض الأفواه التي تروج ان هناك تبذير، بل لا نتجاوز حدود ثلاثة أورو للفرد في التغذية، وحوالي 12 أورو للإقامة للفرد الواحد يوميا، ونحن ندبر المرحلة كأب ينفق مصروف اليوم وعينه على الغد، وكان تعاملنا مع ممون أول ثم بعدها كان التعامل مع ممون ثاني وحرصنا التعامل مع مغربي هو البحث عن مواد غذائية حلال، وكذا تعاون الممون معنا في إعداد الطلبات، وهذا الامر لن يتأتى في التعامل مع أي مركز تجاري كيفما كان.
هناك عائلات صديقة كانت تأوي بعض المغاربة مع المدة اصبح “الحمل كيثقال” عليهم، فكان لا بد ان يلجأوا هم أيضا للقنصلية، وهنا العدد بدأ يتضاعف، وصلنا الان إلى 19 شقة، وعدد المستفيدين من السكن هو 70 شخص، و120 من المستفيدين من مواد التغدية، ومنهم من يستفيد من دعم شراء الأدوية.
فالشقق تتواجد بكل من مطارو صباديل فيك فيلافرانكا صيردانيولا طراسة سان بوي يتم ايصال المواد الغدائية للشقق، وتشتغل المصلحة الإجتماعية على الطلبات الطبية، ومتابعة ملفات التسجيل للوائح التي يتم إعدادها وتحيينها والتي ترسل بشكل يومي للجهات المسؤولة.
كرامة العالقين فوق كل إعتبار:
إشارة حرص السيد القنصل العام عبد الله بيدود التأكيد عليها أن المغاربة العالقين فضلاء كرماء شرفاء ليسوا بمشردين أو فقراء أو متسولين، بل نفدت مواردهم وضيق اليد وليسوا من اصحاب اليد السفلى وبكرامتهم، ونتحدث عنهم للتوضيح وتكميم الافواه التي تروج على ان الدولة المغربية لم تقم بأي شئ اتجاه المغاربة العالقين، وتبخس أيضا كل ما تقوم به القنصلية العامة للمملكة المغربية بجهة برشلونة، وباقي البعثات الديبلوماسية.
العالقون المغاربة ليسوا بأناس منبوذين أو مطرودين من الوطن أو مرفوض دخولهم انما هو إجراء احترازي من اجلهم ومن اجل عائلاتهم ، فالدرس الذي أعطى المغرب للعالم بتدبيره لهذه الازمة فهم من جملة جنود الخفاء الذين اشتغلوا بالصبر، فهم ابطال المعركة التي خاضها الوطن من اجل التصدي لهذا الوباء.
لا يمكن أن نسير في الحملة التي يروج لها البعض ان ملف العالقين وصمة عار، فلنأخذ الدول الغربية، فرنسا مثلا عندما يبلغ الشاب 18 سنة يتم استدعاؤه وإرساله في بعثة عسكرية مثلا إلى دولة إفريقية، وهذا يتم من اجل الوطن، فهؤلاء الذين يتم تجنيدهم في حرب وأحيانا ليس في بلدانهم يكون تلبية لنداء الوطن، وهنا يكون الإحساس بالإنتماء للوطن أكثر من عادي.
إد نقدر المعاناة التي يعيشونها ونحن نعيش معهم هده المعاناة التي نضيفها لمعاناتنا الشخصية والعملية.
تدبير المرحلة بعفوية:
وختم القنصل العام للمملكة المغربية ببرشلونة بإشارة لا بد منها ، تعاملنا مع تدبير المرحلة لانتشار وباء كورونا كان ويتم بشكل عفوي بحيث لم يتلقى أي منا أي تكوين في مواجهة وباء عالمي جديد، لم نعش أي تجربة لمواجهة وباء من هذا النوع، بحيث تم التأقلم مع الوباء بشكل اعتباطي، بحيث يمكن أن نسوغ مثال هنا حول تنظيم التظاهرات الرياضية التي يتم الإستعداد لها لاستقبال الجماهير، هذا يتطلب مدد قد تصل إلى سنة من الإستعدادات اللوجستيكية، إذ فكل ما تم اتخاذه في هذا الموضوع تم من اجل الوطن والمواطن.