يوميات الحجر الصحي، الأحد 22 مارس.
العاطفي فريدة/ أخصائية نفسية/ من فرنسا.
الأحد 22 مارس/ فرنسا: سادس يوم من الحجر الصحي:
اليوم على الساعة الثامنة مساء امتلأت الشرفات والنوافذ بالتصفيق والتصفير والموسيقى، خرجت للشرفة …صفقت مع الآخرين ، وابتسمت بقلبي للاطباء والممرضين وكل من يساعدهم في هذه الحرب ضد عدو غير مرئي.
ومع ذلك لم نصل بعد في تحيتنا لهم إلى ما وصل له الإسبان والايطاليون الذين عرفوا كيف يحولون الشرفات والنوافذ إلى حدائق صغيرة يغنون فيها للحياة، ربما هي طبيعة بلدان البحر الابيض المتوسط، او ربما لأنهم سبقونا في الوجع، علما بأن أعداد المصابين في فرنسا وصل إلى اكثر من 16 ألف مصابا … و كان قبل ذلك أقل من 4 آلاف. المثير انه حين اختبئنا ارتفع العدد الى 16 ألف، كما لو أنه وباء يتربص بالخائفين منه، وبعد ذلك يغير استراتيجيته ويتراجع ، لعله في النهاية يخاف بدوره من الخوف…فيتعب ويذهب.
فكرت اليوم في كل الذين اضطرتهم الحياة أن يلزموا بيوتهم أو أماكن مغلقة لفترة طويلة بسبب الحروب او السجون، او المطاردة من البوليس بالنسبة للثائرين في الدول القمعية… ربما هؤلاء هم الأقل صخبا الآن… والأكثر كبرياء .ترى كيف ينظرون إلينا ونحن نشكو… ونتذمر…ونلعن السماء والأرض… لمجرد اننا اضطررنا أن نمكث في بيوتنا لبضعة ايام بصحبة التليفون والانترنت والتلفزيون؟ بينما كانوا مجردين من كل شيء إلا من حبهم للحياة. كيف ينظرون إلى انفسهم الان؟ وكيف يقيسون يقيسون قدرتهم على التحمل؟ الاهم من أين اتوا بكل القوة لتحمل فترات طويلة بالنسبة لبعضهم في أنواع مختلفة من السجون؟
اعتقد أنهم يتوصلون في مرحلة معينة إلى الوعي بكون الحرية هي إحساس قبل أن تكون مكوثا مرتبطا بالجدران والأمكنة والبلدان، لذلك هناك الكثير من الناس خارج السجون معتقلين، وكثيرون داخلها احرار بكل ما في الكلمة من معنى.
اختار هذا المساء أن أرفع شارة المحبة لكل الذين فهموا عبر تجارب مختلفة من الحياة ان الحرية إحساس يسكن الأرواح التي تعرف كيف تخترق النجوم بأحلامها…لذلك كانت دائما أقوى من المتاريس من كل السجون والأبواب المغلقة بالمفاتيح.
مساء الخير أيتها الحرية …
صباح الخير أيتها الحياة…