الدخول المدرسي وإشكالية الوجبات الحلال بالمدارس العمومية بإسبانيا والعطل الدينية تبقى عالقة إلى إشعار اخر.
أحمد العمري/ كتالونيا.
تشهد اليوم المدارس الإسبانية، من بينها مدارس جهة كتالونيا، عودة آلاف الأطفال إلى الفصول الدراسية بعد فترة العطلة الصيفية. مع انطلاق السنة الدراسية، تنشغل الأسر بقضايا مختلفة تتعلق بتعليم أبنائهم، لكن هناك مسائل خاصة تعني العائلات المهاجرة، لا سيما المسلمين منهم، والتي ما زالت تشكل محور نقاشات واسعة في إسبانيا.
من أبرز المسائل التي تشغل الأسر المسلمة في كتالونيا هي مسألة توفير الطعام الحلال في المدارس العمومية. رغم أن اتفاقية التعاون الموقعة بين المفوضية الإسلامية والدولة الإسبانية عام 1992 تضمن حقوق المسلمين في هذا المجال، إلا أن تطبيق هذه الحقوق على أرض الواقع يظل غير مكتمل. المدارس في كتالونيا، مثل العديد من المناطق الإسبانية الأخرى، لم تعمم بعد توفير الوجبات الحلال في المقاصف المدرسية، مما يضع الأسر أمام خيارين: إما إرسال وجبات منزلية يوميًا مع أطفالهم، أو محاولة التفاوض مع الإدارة المدرسية لضمان تلبية احتياجاتهم الغذائية.
هذا الوضع يثير قلق العائلات المسلمة التي تشعر بأن هذه المسألة ليست مجرد أمر ثانوي، بل هي جزء من الهوية الثقافية والدينية لأبنائها. كما أن بعض الأهالي يرون في غياب الطعام الحلال عائقًا أمام الاندماج الكامل لأبنائهم في البيئة المدرسية، ما يزيد من الشعور بالتهميش.
بالإضافة إلى مسألة الأكل الحلال، تبرز أيضًا قضية العطل الدينية، وخاصة تلك المتعلقة بعيد الفطر وعيد الأضحى. وفقًا لاتفاقية 1992، يتمتع المسلمون في إسبانيا بحق الاحتفال بهذه المناسبات الدينية، لكن تنفيذ هذه الحقوق على مستوى المدارس العامة ما زال غير منظم. العديد من المدارس لا توفر يوم عطلة للأطفال المسلمين خلال هذه الأعياد، مما يجبر الأسر إما على عدم إرسال أطفالهم إلى المدرسة في تلك الأيام أو السعي للحصول على إذن خاص لغيابهم.
الأمر الذي يزيد من تعقيد هذا الموضوع هو أن المدارس الإسبانية تتبع تقويمًا تعليميًا عامًا غير مرتبط بالأعياد الدينية للأقليات، بما في ذلك المسلمين. ورغم المحاولات المتعددة من بعض الجمعيات الإسلامية للتواصل مع الجهات المسؤولة من أجل إدراج هذه العطل ضمن التقويم المدرسي أو على الأقل تسهيل الأمر على العائلات المسلمة، إلا أن التقدم في هذا الصدد بطيء.
يبدو أن تنفيذ الحقوق التي نصت عليها اتفاقية 1992 يعترضه العديد من العقبات، سواء كانت إدارية أو ثقافية. فالإدارات المدرسية قد لا تكون دائمًا على دراية كاملة بتفاصيل الاتفاقية، أو قد لا تكون لديها الأدوات اللازمة لتطبيقها. كما أن المجتمعات المحلية قد تتعامل بحذر أو عدم اكتراث تجاه هذه القضايا، مما يزيد من صعوبة تحقيق تقدم ملموس.
وبالنسبة للعائلات المهاجرة، فإن هذا الوضع يزيد من التحديات التي تواجهها في محاولتها لتحقيق توازن بين الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية لأبنائها وبين الاندماج الكامل في المجتمع الإسباني. على الرغم من أن إسبانيا تُعرف بتنوعها الثقافي والديني، إلا أن القضايا المتعلقة بالمسلمين ما زالت بحاجة إلى اهتمام أكبر من السلطات لتحقيق توازن حقيقي بين الحقوق والواجبات.
تبقى مسألة الطعام الحلال والعطل الدينية للأطفال المسلمين في كتالونيا وإسبانيا عامةً قضايا شائكة تحتاج إلى حلول ملموسة. ورغم أن الدولة الإسبانية قد قطعت خطوات في مجال الاعتراف بحقوق الأقليات الدينية، إلا أن تنفيذ تلك الحقوق على المستوى العملي لا يزال يحتاج إلى تحسينات وتعاون أكبر بين السلطات والعائلات والجمعيات.