كتالونيا24.
في العاشر من ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي أُقرَّ في عام 1948 ليكون وثيقة أساسية تؤكد على الحقوق والحريات الأساسية التي يستحقها كل إنسان، بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون أو الجنس أو الانتماء السياسي. ومع ذلك، يظل هذا التاريخ فرصة للتأمل والنقد، خاصة عندما ننظر إلى أوضاع حقوق الإنسان في أماكن مثل فلسطين، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من انتهاكات صارخة تتناقض مع المبادئ التي يدعو إليها الإعلان.
يتضمن الإعلان 30 مادة تضمن الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة، الحرية، الأمان، المساواة أمام القانون، وحرية التعبير. ومع ذلك، تبدو هذه المبادئ في كثير من الأحيان حبراً على ورق عندما يتعلق الأمر بالتطبيق العملي، خصوصًا في مناطق النزاع.
الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، يواجه يوميًا انتهاكات لحقوقه الأساسية، فالعدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة يُسفر عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وسط استخدام مفرط للقوة دون مراعاة قوانين الحرب التي تحظر استهداف المدنيين، و سياسة الهدم المستمرة للمنازل الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو القدس الشرقية، تُجرد الآلاف من حقهم في المسكن، ناهيك عن الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من 16 عامًا أدى إلى أزمة إنسانية حادة، تشمل نقص الأدوية، تلوث المياه، وانعدام الأمن الغذائي، وكذا فرض قيود على حرية والتنقل، الجدار العازل ونقاط التفتيش الإسرائيلية تعيق حركة الفلسطينيين بشكل كبير، مما يحد من وصولهم إلى التعليم والعمل والرعاية الصحية.
في السنوات الأخيرة، وخاصة خلال الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة، تصاعدت الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. استخدام القوة العسكرية بشكل غير متناسب، وتدمير البنية التحتية، واستهداف المناطق السكنية، كلها تشير إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
رغم ذلك، فإن رد فعل المجتمع الدولي غالبًا ما يتسم بالصمت أو الاكتفاء ببيانات الإدانة الشكلية. يعود ذلك إلى عدة أسباب، منها:
1. ازدواجية المعايير: الدول الكبرى التي تُعتبر حامية للقانون الدولي غالبًا ما تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية بسبب تحالفاتها السياسية والاقتصادية.
2. شلل الأمم المتحدة: الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن يحول دون اتخاذ إجراءات فعّالة ضد إسرائيل.
3. ضعف التضامن العربي والدولي: الانقسامات بين الدول العربية وقلة الضغط الشعبي العالمي تعيق بناء موقف موحد لدعم الفلسطينيين.
مع استمرار هذا الصمت الدولي، يبدو أن حقوق الإنسان تُفقد معناها الحقيقي. العالم الذي اجتمع في 1948 لإقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يبدو اليوم عاجزًا عن فرض احترامه، خاصة في سياقات الاحتلال والنزاعات المسلحة.
في المقابل، يعكس صمود الشعب الفلسطيني نموذجًا استثنائيًا للنضال من أجل الحقوق والكرامة، مما يسلط الضوء على ضرورة تعزيز التضامن الدولي الحقيقي معهم، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.
العاشر من ديسمبر ليس فقط يومًا للاحتفال، بل هو أيضًا دعوة للتفكير في التحديات التي تواجه حقوق الإنسان عالميًا. بالنسبة للشعب الفلسطيني، يمثل هذا اليوم تذكيرًا مريرًا بالفجوة بين المبادئ المثالية والواقع القاسي. إن تحقيق العدالة واحترام حقوق الإنسان يتطلب إرادة دولية حقيقية، تتجاوز حدود المصالح السياسية وتعيد للإنسانية جوهرها الأخلاقي.