كتالونيا24
يشق القفطان المغربي طريقه بثبات نحو العالمية، بوصفه أكثر من مجرد زيّ تقليدي، بل رمزًا للأناقة والحرفية الأصيلة التي تميّز الثقافة المغربية عبر العصور.
ومع تزايد الاهتمام الدولي بالتصميم والموضة المستوحاة من التراث، بات القفطان يجد مكانًا له في كبريات المنصات العالمية للأزياء، حاملاً معه توقيع “صُنع في المغرب” بكل فخر.
القفطان المغربي ليس وليد اليوم، بل هو نتاج قرون من التطور الثقافي والفني الذي امتزجت فيه مهارة الحرفيين بروح الأصالة المغربية.
فقد كان القفطان لباسًا ملكيًا في العصور المرينية والسعدية والعلوية، قبل أن يتحول إلى رمز من رموز الاحتفال والأنوثة في الأعراس والمناسبات.
وتُعرف مدن مثل فاس ومراكش والرباط ووجدة بكونها مراكز رئيسية في صناعة القفطان، حيث تتوارث العائلات أسرار الخياطة الدقيقة والتطريز الفاسي اليدوي الذي يميز هذا الزي عن غيره.
خلال السنوات الأخيرة، ازداد حضور القفطان المغربي في عروض الأزياء الدولية، كما حظي بإشادة من مصممين عالميين اعتبروه “قطعة فنية يمكن ارتداؤها”.
وفي عام 2025، قدّمت المملكة المغربية ملفًا رسميًا إلى منظمة اليونسكو لإدراج القفطان ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، في خطوة تهدف إلى حماية هويته الأصلية من محاولات التقليد أو النسبة الخاطئة.
ويأتي ذلك بعد أن تمّ تسجيل القفطان رسميًا ضمن التراث الثقافي الإسلامي في منظمة الإيسيسكو، ما اعتُبر خطوة أولى نحو الاعتراف الأممي المنتظر.
وراء كل قفطان حكاية صبر وإبداع. فكل قطعة تتطلب ساعات طويلة من العمل اليدوي، من اختيار الأقمشة الفاخرة إلى تطريز “الطرز الفاسي” أو “السفيفة” و”العقاد”.
ويقول أحد الحرفيين من فاس: “كل غرزة في القفطان تحمل بصمة صانعها، ولهذا لا يمكن أن تجد قطعتين متطابقتين تمامًا”.
ورغم دخول الآلات الحديثة عالم الموضة، لا يزال القفطان المغربي يحافظ على تقاليده اليدوية، وهو ما يجعله في نظر كثيرين “تحفة متحركة”.
مصممات شابات من المغرب يسعين اليوم إلى تحديث القفطان وإدماجه في الموضة العالمية، عبر تصاميم تجمع بين القصّات العصرية والخامات الكلاسيكية. وقد ظهرت إبداعات مغربية في أسابيع الموضة بباريس ودبي ومدريد، ما زاد من انتشار هذا الزي الفريد.
ولم يعد القفطان مجرّد لباس تقليدي يلبس في المناسبات، بل أصبح سفيرًا ثقافيًا يحمل صورة المغرب إلى الخارج، ويجسد قدرة الحرفيين المغاربة على الجمع بين الجمال والإتقان والابتكار.
ومع تزايد الإقبال العالمي عليه، يبدو أن القفطان المغربي يسير بخطى ثابتة نحو مكانة مرموقة في عالم الأزياء العالمية، دون أن يفقد جوهره الذي ظل شاهدًا على عبقرية اليد المغربية وإبداعها المتفرّد.

