برشلونة.. مهاجر من جنوب الصحراء يُنقذ من موت محقق بعد تدخل إنساني لأجهزة الشرطة والإسعاف “فيديو”.

كتالونيا24.
شهدت مدينة برشلونة، يوم أمس، حادثًا إنسانيًا مؤثرًا، حينما سقط مهاجر من دول جنوب الصحراء مغشيًا عليه وسط الشارع العام، في وضعية صحية حرجة، على بعد أمتار فقط من القنصلية العامة للمملكة المغربية.
ووقعت الحادثة في وقت حساس، حيث تواجدت لحسن الصدفة شرطيتان من الشرطة الوطنية الإسبانية داخل مقهى مجاور، حينما نبههما أحد المواطنين إلى وجود شخص ملقى على الأرض بلا حراك. وسارعتا إلى موقع الحادث لتقديم المساعدة رفقة زميلتين بلباس مدني، قبل أن يتم الاتصال بعناصر شرطة كتالونيا (موسوس ديسكوادرا).
لم تمر سوى دقائق قليلة حتى حضرت إلى عين المكان سيارتان تابعتان لشرطة موسوس، حيث باشر عناصرها عملية التنفس الاصطناعي مستعملين معدات مخصصة موجودة داخل سيارة الشرطة، في وقت كان المهاجر في غيبوبة تامة لا يُبدي أي رد فعل، ما زاد من صعوبة التدخل، ومن التوتر السائد في محيط الحادث.
سرعان ما حضرت إلى عين المكان سيارة إسعاف، مرفوقة بسيارة طبية خاصة بطبيب، وتم تنفيذ الإسعافات الأولية بشكل دقيق، وسط توقعات متشائمة من الحاضرين بإمكانية إنقاذ حياته. لكن، وبفعل هذا التدخل المتكامل، بدأ المهاجر يُظهر ردود فعل جسدية بعد دقائق، ليتم نقله في وضع صحي حرج إلى أقرب مستشفى.
المهاجر، وفق المعاينة الميدانية، لا يتوفر على أية وثائق تثبت هويته أو وضعه القانوني، حيث لم يُعثر بحوزته سوى على هاتف محمول بسيط وكيس بلاستيكي، ما يرجح كونه في وضعية غير قانونية.
رغم الجانب الإنساني المشرف لهذا التدخل، إلا أن الحادثة تطرح سؤالًا مشروعًا: من يتحمل مسؤولية غياب عناصر الشرطة الوطنية الإسبانية من أمام القنصلية المغربية؟
فحسب الشهادات، لم يكن هناك أي عنصر أمني في محيط القنصلية خلال وقوع الحادث، علمًا أن الاتفاقيات الدولية تُلزم السلطات المحلية في بلد الإقامة بتوفير الحماية الأمنية للممثليات الدبلوماسية بشكل دائم، وهو ما لم يُحترم في هذا السياق.
بل إن الشرطيتين الوحيدتين اللتين تدخلتا، كانتا خارج نطاق المراقبة، داخل أحد المقاهي القريبة، وهو ما يُعيد إلى الواجهة النقاش حول مدى الالتزام الرسمي بتوفير الأمن الكافي للمقرات الدبلوماسية الأجنبية، خصوصًا تلك التي تعرف حركة متواصلة من الجالية والمواطنين.
https://youtube.com/shorts/cqoXsYxg4Ek?si=KvEMaajsUwZy857F
ما شهدته برشلونة في هذا التدخل السريع والدقيق، يؤكد مدى تنسيق وجاهزية الأجهزة الأمنية والطبية في مثل هذه الحالات، حيث يتم ربط الاتصال بسرعة مع الطبيب المناوب لتحديد طبيعة التدخل، قبل إرسال الطاقم المناسب، وهو ما قد يُحدث فرقًا بين الحياة والموت في ظرف دقائق.
في المقابل، يدفعنا هذا المشهد إلى المقارنة المؤلمة مع واقع الخدمات الصحية في بلداننا، حيث تعاني الطوارئ من ضعف الموارد، وغياب التنسيق، وتأخر التدخل في أغلب الحالات، رغم ما تحققه بعض الدول من تقدم في برامج التنمية.
الحادث، رغم بساطته الظاهرية، يحمل في طياته أسئلة سياسية وأخلاقية ومؤسساتية، تستحق المتابعة والتأمل، ليس فقط بشأن واقع الهجرة غير النظامية، بل أيضًا بشأن كيفية تعامل الدول المستقبلة مع حياة المهاجرين، وحقوقهم، وكرامتهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني.