حل الدولتين بين التهجير والضم: هل أصبح من الماضي؟
لم يبقى لنا سوى حمل الكوفية والدعاء مع إخواننا الفلسطينين
أحمد العمري/ برشلونة.
في ظل التطورات الأخيرة، يبدو أن حل الدولتين لم يعد سوى فكرة نظرية بلا تطبيق فعلي. فمع تصاعد الحديث الإسرائيلي عن تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، ومواصلة مشاريع ضم الضفة الغربية، أصبحت الوقائع على الأرض تتجه نحو فرض أمر واقع جديد يُجهز تمامًا على أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة. وما يزيد الطين بلة هو عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي بسلوكياته المتهورة، وسعيه للضغط على مصر والأردن لقبول الترتيبات الإسرائيلية، رغم معارضتهما الصريحة لهذه المخططات والتي يتسائل المتتبعون كم من الوقت تستطيع الصمود، خاصة وان اللقاء الأخير مع ملك الارد اكد عبر منصة X أن الأولوية هو مصلحة الأردن والأردنيين.
لطالما كان تهجير الفلسطينيين من غزة أحد الطموحات الإسرائيلية القديمة، لكنه كان يُطرح دائمًا كمستحيل سياسي نظرًا للرفض الدولي والإقليمي. لكن الحرب المستمرة على القطاع توفر لإسرائيل فرصة جديدة لمحاولة فرض هذا المخطط، وسط حديث عن نقل السكان إلى سيناء أو الأردن. رغم الرفض المتذبذب من القاهرة وعمّان، فإن إسرائيل تراهن على استمرار الضغط العسكري والدبلوماسي لدفع الأمور في هذا الاتجاه.
هنا يأتي دور ترامب، الذي لطالما كان مؤيدًا شرسًا للسياسات الإسرائيلية الأكثر تطرفًا. من المتوقع أن يعيد إحياء ضغوطه على مصر والأردن، مستخدمًا أدوات الترهيب الاقتصادي والسياسي لإجبارهما على قبول هذا السيناريو. فكما حاول فرض “صفقة القرن” في ولايته الأولى، لن يتردد في محاولة فرض حلول أكثر تطرفًا خلال المرحلة المقبلة.
بالتوازي مع مخطط التهجير، تواصل إسرائيل التوسع في الضفة الغربية، حيث تسير حكومة نتنياهو نحو ضم المستوطنات الكبرى وأجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينية. إذا تحقق ذلك، فلن يبقى للفلسطينيين سوى جيوب معزولة تفتقر إلى أي مقومات سيادية، ما يعني فعليًا نهاية فكرة الدولة الفلسطينية.
ترامب، الذي سبق أن دعم شرعنة الاستيطان واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، لن يكون بعيدًا عن هذا المشروع. بل إن عودته تعني إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للمضي قدمًا في الضم، مع وعوده المتكررة بتصفية القضية الفلسطينية وفق رؤية إسرائيلية خالصة.
بين تهجير غزة وضم الضفة، يبدو أن حل الدولتين لم يعد موجودًا سوى في خطابات الدبلوماسيين. على الأرض، تتشكل معالم واقع جديد، الفلسطينيون يُدفعون نحو التهجير أو العيش في كانتونات معزولة، بينما تواصل إسرائيل فرض سيطرتها الكاملة.
يبقى السؤال الأهم: هل سيواصل الفلسطينيون والمجتمع الدولي التمسك بحل الدولتين رغم استحالة تطبيقه، أم أن الوقت قد حان للتفكير في بدائل جديدة لمواجهة هذا الواقع المفروض بالقوة؟ مجرد تساؤلات بعيدة عن الشعارات الحماسية والمندفعة.