خطاب العرش: الملك يدعو إلى تجويد التشريعات وحسن تنزيلها

بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه الميامين، وجه العاهل المغربي خطابا للأمة، ذكر فيه بسياق ورمزية الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة باعتبارها مناسبة لتجديد روابط البيعة ،كما تشكل في ذات الآن فرصة للتعبير عن التلاحم الوثيق بين الشعب والعرش.

كما شخص الخطاب الملكي ،من جهة، مظاهر الأزمة وأسبابها التي لها امتدادات عالمية بفعل تداعيات كوفيد19 ، وقدم ، من جهة أخرى، مفتاح الخروج من الأزمة المتمثل في روح المبادرة ومقومات الصمود.

 

كما شكل الخطاب الملكي فرصة للتذكير بأهم الإصلاحات التي باشرتها المملكة منذ تربع جلالة الملك على العرش، أهمها مدونة الأسرة، ودستور 2011 الذي مكن من دسترة مجموعة من المؤسسات ، كما دعا إلى إقامة مجموعة أخرى من مؤسسات الحكامة والتي أفرد لها بابا خاصا.

 

ودعا جلالته إلى استثمار ما تم تحقيقه من مكتسبات تشريعية عبر التنزيل الأمثل المقتضيات ومراجعة بعض البنود، وتوجيه آليات وأدوات البحث العلمي للبحث في كيفية تذويب العوائق التي تحول دون التنزيل الأمثل للتشريعات، خاصة العوائق السوسيولوجية،  كما هو الحال بالنسبة لمدونة الأسرة.

 

ودعا جلالته إلى تعميم محاكم الأسرة في جميع المناطق، وهي دعوة في نفس الوقت للمشرع من أجل إعادة النظر في التنظيم القضائي للمملكة. كما دعا جلالته إلى إخراج السجل الاجتماعي الموحد للوجود، وتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية وتأهيل المنظومة الصحية مع حسن استثمار المكاسب والمجهودات المبذولة أثناء تدبير الأزمة الصحية التي خلفها كوفيد 19، ونخص بالذكر برنامج الدعم المباشر، وتوفير المواد الأساسية، وتوفير اللقاح بالمجان، وإدماج أكثر من ستة ملايين شخص من غير الأجراء في نظام التغطية الصحية. وفي هذا الصدد يرى جلالة الملك أن كسب الرهان وبناء مغرب التقدم والكرامة لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة دون استثناء، وهي دعوة صريحة لفسح المجال أمام جميع الكفاءات للانخراط في عملية البناء، وهي دعوة أيضا الضرب بيد من حديد على كل من يسعى إلى كبح عملية البناء وعرقلة النماء والتقدم سواء من طرف من يتقلد مسؤولية تدبير مختلف القطاعات مركزيا، أو جهويا، أو إقليميا، أو من طرف من يفترض فيهم أن يشاركوا في الإصلاح الجاد من مختلف الفرقاء والشركاء والفاعلين نقابة، ومؤسسات، ومجتمع مدني، إذ المقاربة التشاركية قد تؤدي في كثير من الحالات إلى نتائج عكسية وخيمة إذا ما تم استغلالها في غير ما أريد لها.

 

وفي ختام خطابه دعا جلالته إلى الارتقاء بالعلاقة المغربية-الجزائرية بما يجعلها مضربا للمثل في حسن الجوار، والأخوة والتضامن، عبر تعزيز التواصل والتقارب بين الشعبين الشقيقين ، وعدم الاكتراث إلى الدعوات المغرضة التي تتوخى إثارة الفتنة بين الشعبين، إيمانا منه جلالته بوحدة المصير.

 

وختم جلالته خطابه بالآية الكريمة ” فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ، فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب” في إشارة إلى حتمية انفراج الأزمة عبر عاملين أساسيين اثنين: النصب أي العمل الفعال والمثمر وذلك لن يتم إلا بإيلاء الموارد البشرية الكفأة المكانة التي تستحقها ، وتطهير مختلف الإدارات والقطاعات من رموز الفساد، والعامل الثاني يكمن في استحضار الوازع الديني، الذي يحول دون اغتيال الضمير.

 

يونس شهيم
متصرف تربوي بمديرية مديونة
باحث في العلوم السياسية
اترك تعليقا