رفع علم البوليساريو في صباديل، استفزاز صامت للمغاربة… واليوتيوبر كان الصوت الوحيد!

أحمد العمري/ كتالونيا.

شهدت مدينة صباديل (Sabadell) في كتالونيا الأسبوع الماضي خطوة مثيرة للجدل، حيث قامت البلدية، بقيادة رئيستها مارتا فاريس المنتمية إلى الحزب الاشتراكي الكتالوني (PSC)، برفع علم جبهة البوليساريو على مبنى البلدية. هذه الخطوة جاءت في إطار دعم الجبهة الانفصالية، رغم أن المحكمة العليا الإسبانية كانت قد أصدرت قرارًا في يونيو 2020 يمنع رفع الأعلام غير الرسمية على المباني العامة، بهدف الحفاظ على حيادية المؤسسات الرسمية.

لكن اللافت في الأمر ليس فقط قرار البلدية، بل ردود الفعل شبه المنعدمة من الجالية المغربية المقيمة في صباديل وعموم كتالونيا. فعلى الرغم من أن هذا الفعل يُعد استفزازًا مباشرًا لمشاعر المغاربة ولقضيتهم الوطنية، فإن الغالبية التزمت الصمت، ولم يُسجل أي تحرك يُذكر باستثناء ظهور يوتيوبر مغربي في بث مباشر عبر قناته، حيث عبر عن استنكاره لما حدث. هذا الموقف الفردي قد يُنظر إليه على أنه أضعف الإيمان، لكنه يفتح أيضًا باب التساؤلات: هل كان بدافع غيرة وطنية صادقة، أم مجرد محاولة لرفع نسبة المشاهدات واستغلال الحدث إعلاميًا؟

الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو الغياب التام لأي موقف رسمي من الجمعيات المغربية المدنية في صباديل وعموم كتالونيا. فرغم وجود العديد من الجمعيات التي تدّعي تمثيل المغاربة، لم تصدر أي منها بيان استنكار، ولم تبادر أي جمعية إلى الدعوة لتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر البلدية، على الرغم من أن الواقعة تمثل استفزازًا مباشرًا للجالية المغربية. فهل هو خوف من رد فعل السلطات المحلية، أم أنه تقصير في الدور المفترض لهذه الجمعيات؟

أما الجمعيات الدينية، والتي يبلغ عددها أربع جمعيات في صباديل وحدها، فهي الأخرى لم تحرك ساكنًا، لكن وضعها يبدو أكثر تعقيدًا. فبحكم طبيعة عملها، فإن هذه الجمعيات تعتمد بشكل شبه كلي على رخص وتصاريح بلدية صباديل لتسيير وتدبير المساجد والمراكز الدينية. وهذا الأمر يُقيدها تمامًا، حيث تجد نفسها غير قادرة على اتخاذ أي موقف قد يُعرضها لمضايقات أو سحب التراخيص.

ما حدث في صباديل يفتح نقاشًا واسعًا حول مدى وعي الجالية المغربية في كتالونيا بقضاياهم الوطنية، ومدى استعدادهم للدفاع عنها عندما تُستهدف بشكل مباشر. فحين يتعلق الأمر بقضية بحجم الصحراء المغربية، نجد أن الجاليات الأخرى تتحرك بقوة للدفاع عن قضاياها الوطنية، بينما في الحالة المغربية، الصمت هو العنوان الأبرز.

هذا يضع الفاعلين الجمعويين في كتالونيا أمام مسؤولية تاريخية، هل هم مجرد كيانات صورية تهتم فقط بالأنشطة الشكلية وتمثيل الجالية في المناسبات الرسمية؟ أم أنهم مستعدون للدفاع عن مصالح المغاربة عندما يكون الأمر ضروريًا؟

وفي ظل هذا الصمت المطبق، يبدو أن بلدية صباديل نجحت في اختبارها، ليس فقط فيما يتعلق بقدرتها على رفع علم البوليساريو دون تبعات، بل أيضًا في قياس مدى استعداد الجالية المغربية للدفاع عن وطنها. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أصبح المغاربة في كتالونيا بلا صوت عندما يتعلق الأمر بقضاياهم الوطنية؟

تعليقات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد