برشلونة – كتالونيا24.
في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الإسبانية تحولات دقيقة وضغوطًا متزايدة على المؤسسات، اهتز الرأي العام بخبر استقالة فرانسيسكو سالازار، أحد أبرز رجال الظل في رئاسة الحكومة الإسبانية، بعد اتهامات بسلوك غير لائق تجاه موظفات. القضية أعادت إلى الواجهة النقاش حول ثقافة السلطة، والتمييز، والتحرش، وهي مواضيع تهم أيضًا شريحة واسعة من المهاجرين، وخاصة النساء من أصول مغاربية وعربية، اللائي يعانين أحيانًا في صمت داخل سوق العمل أو الإدارات العامة.
سالازار، الذي كان يشغل منصب منسق العلاقات المؤسسية في رئاسة الحكومة الإسبانية، وكان من المقرر أن يُعيَّن في موقع قيادي بارز داخل الهيكلة الجديدة للحزب، فضّل الاستقالة الطوعية بعد توالي شهادات من نساء اتهمنه بسلوكيات تتراوح بين تعليقات غير مناسبة، ودعوات شخصية متكررة، وممارسات اعتُبرت من قبيل استغلال النفوذ.
مصادر صحفية إسبانية كشفت أن الضحايا لم يتقدمن بشكاوى رسمية، لكن الأمر لم يمنع اشتعال النقاش داخل الأوساط السياسية، خاصة وأن الوقائع تعود لفترة عمل سالازار داخل ديوان رئاسة الحكومة، وهي مؤسسة يفترض أنها ملتزمة بأعلى درجات الانضباط المؤسسي والأخلاقي.
وبالرغم من نفي سالازار المبدئي، فقد قرر “التنحي فورًا” كما قال، وطلب فتح تحقيق داخلي تحت مظلة الإجراءات الوقائية المعمول بها ضد التحرش.
جاءت استقالة سالازار بالتزامن مع اجتماع اللجنة الفيدرالية للحزب الاشتراكي، التي شهدت إطلاق خطة لإعادة هيكلة الحزب بعد فضيحة فساد طالت شخصية قيادية أخرى، سانتوس سيردان. في كلمته خلال الاجتماع، بدا رئيس الحكومة متأثرًا بقوة الضربات المتلاحقة، لكنه جدد التزامه بما سماه “التطهير الأخلاقي” داخل الحزب، داعيًا النساء إلى “الثقة بالآليات الداخلية وتقديم الشكاوى دون خوف”.
وفيما رحّبت قيادات نسوية داخل الحزب بخطوة سالازار، فإن أصواتًا أخرى اعتبرت أن مجرد “التنحي” لا يكفي، بل لا بد من تعزيز الشفافية ومحاسبة المسؤولين بشكل علني، حتى دون شكاوى قضائية رسمية.
رغم الدعم الذي لا يزال يتمتع به سانشيز داخل قيادة الحزب، إلا أن سلسلة الفضائح المتلاحقة بدأت تزعزع ثقة الرأي العام، وتغذي خطاب المعارضة. زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فيخو صرّح قائلًا: “ما يحدث في الحزب الحاكم يفسر نفسه بنفسه، إنها ثقافة الإفلات من العقاب”.
وفي الداخل الاشتراكي، بدأت تظهر نداءات من بعض القيادات الجهوية – كالرئيس الإقليمي لغ Castilla-La Mancha – لإعادة النظر في آليات اختيار الكوادر، وربما حتى الدفع نحو مؤتمرات استثنائية تعيد بناء الحزب على أسس أكثر شفافية واستقلالية.
تسليط الضوء على هذه القضايا في الإعلام الإسباني، رغم غياب شكاوى رسمية، هو مؤشر إيجابي على تحولات في وعي المجتمع تجاه التحرش وسوء استخدام النفوذ. وهو أيضًا دعوة مفتوحة للنساء في مواقع الهشاشة، خاصة من الجالية المغاربية والعربية، إلى كسر الصمت وطلب الدعم عند الحاجة، سواء في بيئة العمل أو المؤسسات.
ففي دولة تحترم القانون وتؤمن بحقوق الإنسان، لا ينبغي أن يكون الخوف أو الأصل أو اللغة حاجزًا أمام حماية الكرامة والحقوق.