جريدة إلكترونية بإسبانيا

فليبي ..فليبي

طلحة جبريل. أقول باقتناع تام ..لا يمكن تبخيس دور الأحزاب في العمل السياسي في أي بلد. إذا كانت الأحزاب ضعيفة أو لم تعد تفرز النخب ، فإن ذلك لا يعني أن العلة في “الحزب” كمؤسسة تعد جزءً أساسياً في المشهد السياسي لأي بلد ديمقراطي، لكن ربما في القيادة. نلاحظ بوضوح من خلال الإنتخابات الأخيرة في أميركا، أن الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء كان يهمهم بالدرجة الأولى تقوية الحزب، بل إن دونالد ترامب اعتبر أن الهيمنة على الحزب الجمهوري أهم من نتائج الإنتخابات ، في حين كان هاجس المرشحين ” الديمقراطيين” أن يجدوا دعماً قوياً من الحزب ، للفوز في الإنتخابات. الوضع الطبيعي في أي بلد ديمقراطي أن “المعارضة” تنازع “الأغلبية” هيمنتها لأنها تريد أن تصبح هي “الأغلبية ” المقبلة. “الديمقراطيون” في أي بلد هم الذين يؤمنون إيماناً راسخاً بدولة المؤسسات، وأن صناديق الاقتراع والتعددية السياسية هي النظام الأمثل. لذلك اعتقد أنه من الأفضل أن تذهب هذه الشرائح لتقول للناس بانها لن تغير مواقفها، من أن تشرح لهم لماذا تغيرت هذه المواقف، على حد تعبير السياسي الإسباني فيليبي غونزاليث. وإذا لاحظ أحدكم أن إعجابي ظاهر بالرجل فهذا الإحساس صحيح ولا أداريه، وإنما أعترف به. كان هذا الرجل من المعارضين لنظام الحكم في بلاده، لكن عندما شاءت الظروف ان يصل الى قمة السلطة، أدرك ان “اللحظة التاريخية” هي “لحظة” مغادرته للسلطة. غطيت الحملة الانتخابية التي خاضها غونزاليث في أصعب انتخابات جرت في اسبانيا بعد سقوط نظام الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو، وكان ذلك عام 1982. يتحدر غونزاليث من منطقة الأندلس في جنوب إسبانيا، وهو ابن مزارع من اشبيلية. انتخب قائداً للحزب الاشتراكي الاسباني (بيسو) عام 1977، اي انه أصبح زعيماً سياسياً وعمره 37 سنة، وظل رئيساً للحكومة الاسبانية من 1982 وحتى 1996. عندما خسر الانتخابات اعتزل السياسة على الرغم من انه كان يبلغ من العمر آنذاك 54 سنة، وكان مستاءً لأن الفساد المالي تسرب إلى حزبه. عاش غونزاليث معظم سنوات المنفى في باريس، ولم يعود الى اسبانيا الا بعد سقوط الديكتاتورية في عام 1976. عندما عاد، راح مندفعاً بروحه الشابة وبذكائه السياسي، في بناء حزب “بيسو” وخلال فترة وجيزة لم تتجاوز خمس سنوات، جعل منه حزب أغلبية، بعد ان كان حزباً صغيراً . كان الناخبون وبمجرد أن يطل عليهم، يصيحون بطريقة هستيرية “فليبي..فليبي..فليبي”. هتفوا له لأنه لم يتزحزح عن مبادئه. عندما سئل عن سر وصفته في أن يتحول حزبه، من حزب صغير الى حزب الأغلبية في اسبانيا، قال “من الأفضل ان تأتي إلى الناس وتقول لهم إن مبادئك لم ولن تتغير، من أن تأتي إليهم لتشرح لهم تقلباتك السياسية، كنت أقول للناس نحن لن نتغير سنظل ندافع عن الديمقراطية والمؤسسات وعن اشتراكيتنا، وعلى الآخرين أن يتغيروا”. كلام في الصميم . تم النشر بموافقة الكاتب.]]>

تعليقات