قنصلية متنقلة في سرقسطة… ومفارقة الواقع في برشلونة.
بين دبلوماسية القرب والتدبير البيروقراطي.

كتالونيا24 – كتالونيا.
نظّمت القنصلية العامة للمملكة المغربية بتاراغونا، ليريدا وأراغون، يوم أمس، قنصلية متنقلة إلى مدينة سرقسطة، في مبادرة عملية تنسجم مع التعليمات الملكية السامية الرامية إلى خدمة مغاربة العالم وتقريب الإدارة من المواطنين. وقد تم تقديم ما يقارب 2500 خدمة قنصلية في يوم واحد، شملت جوازات السفر، البطائق الوطنية، المصادقة على التوقيعات، تسجيل الولادات والوفيات، سحب الوثائق العدلية، بالإضافة إلى استشارات قانونية وإدارية.
هذه المبادرة لم تكن لتنجح لولا المتابعة الدقيقة والميدانية التي تقوم بها السيدة إكرام شاهين، القنصلة العامة بتاراغونا، ليريدا وأراغون، والتي أبانت عن حس عالٍ بالمسؤولية وتواصل مباشر مع الجالية، سواء من خلال حضورها النشيط في مهرجان تاراغونا الثقافي، أو عبر إشرافها الشخصي على مختلف مراحل القنصلية المتنقلة في سرقسطة. هذا الحضور الميداني والمتابعة الدقيقة لكل كبيرة وصغيرة، عززا الثقة بين الإدارة والمواطن، وكرّسا صورة مشرّفة للدبلوماسية القنصلية.
في المقابل، يعيش العديد من أفراد الجالية المغربية بجهة برشلونة واقعا مغايرا داخل قنصليتهم العامة، حيث تتوالى شكاوى المرتفقين بسبب ضعف التواصل وسوء التنظيم. فالقنصل، بحسب شهادات عدة، يتفادى استقبال المرتفقين، موكلاً ذلك إلى الكتابة الخاصة التي تقدم التبريرات لرفض اللقاء، عوض تسهيل سبل الحوار والتجاوب.
وتُسجل انتقادات متزايدة بخصوص إثقال كاهل نائب القنصل المكلف بالمصلحة الاجتماعية، الذي وجد نفسه محملاً بملفات إدارية واجتماعية متعددة، في ظل غياب توزيع عادل للمهام داخل المرفق القنصلي. كما أن مواعيد المصادقة على الوثائق باتت تتجاوز الأسبوعين، وهو أمر يثير استياءً واسعاً بين المواطنين الذين تتعطل مصالحهم اليومية.
وما يزيد من تعقيد الوضع، أن بعض “الفاعلين” و”رؤساء الجمعيات” ببرشلونة، ممن يُفترض أن يدافعوا عن مصالح الجالية، اختاروا الانخراط في عملية تلميع صورة القنصل، عبر استدعائه لحضور أنشطة لا تنظمها القنصلية ولا تنطلق من مبادراتها، بل تستغل لتقديم مشهد إعلامي لا يعكس حقيقة المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن داخل القنصلية.
في ضوء هذه المفارقة بين نموذج تاراغونا وسرقسطة من جهة، وتجربة برشلونة من جهة أخرى، يبدو أن الوقت قد حان لمراجعة شاملة لأسلوب العمل القنصلي ببرشلونة، ووضع مصلحة المواطن فوق الحسابات الشخصية أو الاعتبارات البروتوكولية، انسجاماً مع روح التعليمات الملكية التي تضع الجالية المغربية في قلب السياسات العمومية للمملكة.