يعانى الوعي السياسي في مشهد الجالية المغربية المقيمة بالخارج منذ عشرات السنين من حالة من التضييق المعنوي والمادى يرقى في بعض الاحايين والحالات الى درجة الحصار المقنع، تتطوع قوى انتهازية ودخيلة في تكريسه واطالة أمده تحت العديد من الذرائع والمسميات …هذه القوى التى تتكتل داخل “لوبيات” تقاوم التطور و التغيير مؤلفة من فئات المتاجرين بالدين ، مهمتهم الاساس نشر امراض الوعي السياسي الاسلامي، اي الدعوة الى “اكل القوت في انتظار الموت” والجمود في فهم المتغيرات ، و طبقة من السماسرة المتاجرين بالسياسة تتمترس خلف لافتات “حزبية” وهمية باهتة وظيفتها اغراق الجالية في “الشعبوية” و اللعب على دغدغة عواطف العامة منها بشعارات خشبية ، واستغفال وتخدير العقول بالتفاهات والخرافات …… “نخب “خبزية”.
مزيفة لا تنظر إلى نتيجة الطرح عمليا، المهم عندها تحقيق المصلحة الشخصية و تلميع الاسم وسماع تصفيق الجماهير وليس العمل على دعوة الجماهير للانخراط في ورشة الوعي السياسي الذى هو حالة من اليقظة الفكرية يتمكن من خلالها المهاجر من رصد الأحداث وتحليل وتشخيص أبعادها وآثارها، ودفع مجتمع الجالية لمواجهة مشكلاته وتحصينه من التهديدات الداخلية والخارجية….
لقد كان من تداعيات الحصار المضروب على الوعي السياسي في اوساط مغاربة الخارج حصد نتائج مخيفة في جميع مجالات الحياة العامة اذ تعمقت مظاهر التردي والترهل إلى الحد الذي أفقد الكثير من جوانب مجتمع الجالية المغربية سواء باسبانيا وبالعديد من بلدان الاقامة سمات المجتمع المتحضر المتماسك ساهم في تخلف المهاجر المغربي عن قطار الاندماج الحقيقى بالمجتمع الذى اختار الانتماء اليه وحكم على نفسه بالعيش في كنفه .
وكان من ابرز سمات غياب التأطير السياسي الجاد المستقل عزوف المهاجر المغربي عن الانخراط في المشاركة السياسية ببلد اقامته من حيث يمكنه ايجاد حلول واقعية لمشكلاته الحياتية الانية كالاقصاء والتهميش والبقاء في مرمى نيران العنصرية عرضة للبطالة وتمزق الحياة العائلية واحتمال سقوط ابناءه فريسة الانحراف و الجريمة، والعنف الاجتماعي، والسرقة، والمتاجرة في الممنوعات، والبغاء، وظواهر اجتماعية أخرى تؤكد الخلل الخطير في بنية مجتمع الجالية .
الحصار المضروب على تسييس مغاربة أروبا يحرمهم من الدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم في كل المحافل والمناسبات في غياب استحالة أن تقوم قائمة لأية تمثيلية سياسية وازنة تتحدث بلسانهم سواء بالشراكة مع سلطات بلدان الاستقبال كما لدى سلطات وطنهم الام، ويكفي ان نسوق في هذا الباب ظاهرة غياب مغاربة أروبا عن المشاركة كطرف معنى واساسي في لجنة الاعداد لعملية مرحبا 2022 حيث كان من المفترض ان يجلس ويتفاوض ممثلوهم ندا للند
الى جانب بقية الاطراف المتدخلة في الاشراف على تنظيم هذه العملية وكان من حق الجالية ان “تفرض” أثمانا معقولة وتخفيضات في تعريفة السفر على متن البواخر التى انفرد فيها لوبي النقل البحرى بفرض مايناسب جشعه من أثمان خيالية لاتراعى القدرة الشرائية لمغاربة أروبا خاصة فئات المتقاعدين والاسر المتعددة الافراد والارامل والفئات الهشة اقتصاديا منهم ولا الظرفية الاقتصادية التى فرضتها الحرب ولا مقتضيات المرسوم الحكومى الاسبانى الذى يدعو لمراعاة نسبة التضخم التى قاربت 10 بالمأئة.