ليلة التتويج تنقلب.. شغب وتخريب في باريس بعد الانتصار التاريخي.
"الشارع يفضح المستور: شغب التتويج يكشف فشل فرنسا في احتواء غضبها الداخلي".

كتالونيا24.
تحولت ليلة الانتصار المنتظرة إلى كابوس فوضوي في قلب العاصمة الفرنسية، حيث عمّت أعمال الشغب والتخريب شوارع باريس فور إعلان تتويج نادي باريس سان جيرمان بلقبه الأوروبي الأول. فما إن دوى صافرة النهاية، حتى خرج الآلاف للاحتفال، قبل أن تنقلب الأجواء إلى مشاهد من العنف، التصادمات، الدخان، والدموع.
الفرحة الجماهيرية التي كان يُنتظر أن تكتب فصلاً جديدًا في ذاكرة الكرة الفرنسية، سرعان ما تحولت إلى ما يشبه الانفجار الاجتماعي، مع تحطيم واجهات المحلات، إشعال النيران في السيارات، واشتباكات عنيفة بين بعض المجموعات والشرطة الفرنسية التي واجهت صعوبة في السيطرة على الموقف.
ليست هذه المرة الأولى التي تنقلب فيها مظاهر الاحتفال إلى عنف مفتوح. ففرنسا، التي طالما وصفت نفسها بـ”الأم الحنون”، باتت تواجه تحديات متكررة كلما اجتمع الناس في الشارع، سواء احتفالاً أو احتجاجاً. ويطرح هذا الواقع أسئلة ملحة حول أسباب هذا الانفلات المتكرر: لماذا تتحول التظاهرات الرياضية، السياسية، والنقابية إلى بؤر شغب وعنف؟
الجواب يتعدى حدود مباراة كرة قدم. فالمشهد يعكس تراكمات اجتماعية عميقة، على رأسها فشل سياسات الاندماج، واتساع الهوة بين فئات المجتمع، وغياب الأفق لدى شريحة واسعة من الشباب المهمشين، خاصة في ضواحي المدن الكبرى.
ما يحدث اليوم هو نتيجة مباشرة لسياسات تعايش هشّة، وبرامج دراسية ومهنية لم تفِ بوعودها، ونظام سياسي بات عاجزاً عن مخاطبة الطبقات الشعبية والمهاجرين بلغة الإنصاف والاحترام. فالاحتقان يتغذى من التفاوتات الاقتصادية، ومن خطاب إعلامي وسياسي غالباً ما يصب الزيت على النار بدل أن يطفئها.
إنها “سياسة ماما فرنسا” التي لم تعد قادرة على تربية أبنائها على قيم المواطنة الفاعلة، ولا على احتضان الاختلاف الثقافي والديني والاجتماعي الذي بات يشكل جزءًا لا يتجزأ من نسيجها.
المؤكد أن كرة القدم ليست الجاني، بل هي مرآة لما يحدث في العمق. فالانتصارات، مهما عظُمت، لا تستطيع وحدها أن تخفي أزمات المجتمع. وليلة باريس، بقدر ما كانت تاريخية في سجل سان جيرمان، كانت أيضًا كاشفة لواقع فرنسي مأزوم، لا يكفي فيه رفع الكؤوس لإسكات الأصوات الغاضبة.