منظمة كودناف تقرّب الواقع من خلال أهداف التنمية المستدامة إلى خيرونا: التزام حي بالتنوّع التقافي والمساواة.

محمد ياسر بوبكري/ كتالونيا.
في قلب مدينة خيرونا الكتالونية، حيث تتحدث الشوارع بلغات متعددة، وتعكس النظرات حكاياتٍ عبرت القارات، تولد مبادرة تتجاوز التدخل الاجتماعي التقليدي: إنها أنشودة حقيقية للتنوع والتعايش التقافي. مشروع لا يكتفي بتحليل الواقع، بل يسعى إلى تغييره؛ لا يكتفي بالحلم بمجتمع أكثر عدلاً، بل يبنيه خطوة بخطوة

يأتي هذا التدخل الجمعوي بتمويل من وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانيةMinisterio de inclusión ، وبدعم من الصندوق الاجتماعي الأوروبي +FSE كاستجابة فعالة وملتزمة للتحديات التي تواجه مجتمعنا المتعدد الثقافات. ويتجلى هذا المشروع في ثلاث مدن رئيسية هي: مالقة، ألمرية، وخيرونا، وهي مدن لطالما شهدت على الثراء الذي تجلبه الهجرة، كما عرفت التوترات الناتجة عن الاختلاف.

في خيرونا، يتخذ هذا المشروع طابعًا خاصًا، حيث تمزج قوة التعليم بروح الالتزام المجتمعي. وتتمثل الخطوة الأولى في العمل داخل المدارس، تلك المساحات التي يُكتب فيها مستقبل الأجيال القادمة، حيث الأطفال من أصول متعددة. ويهدف المشروع إلى توعية التلاميذ والمعلمين بقضايا ملحّة مثل العنصرية، وكراهية الأجانب، وكل أشكال التعصّب. ومن خلال أنشطة تربوية وتفاعلية، يُزرَع فن الاحترام الآخر، والتعاطف، والاعتراف بالاختلاف الجميل.
هذا العمل لا يتوقف عند حدود المؤسسات التعليمية. ففي محوره الثاني، يسعى المشروع إلى بناء شبكة من التحالفات بين جمعيات تتقاسم المبادئ نفسها في مكافحة التمييز، وتعزيز مجتمع شامل بحق. وقد انضمت جمعيات صديقة مثل **ASOCOLOGI، ACODEHGI، IDARIA، SOCIAL PROJECT**، إضافة إلى شبكة منسقيات الجمعيات غير الحكومية، لتقديم الدعم المجتمعي لحملة كودناف.

وفي هذا السياق، سيُعقد لقاء في حي **سانتا أوجينيا** لتبادل الخبرات، ومناقشة الاستراتيجيات، وقبل كل شيء، لتقوية الروابط. لأن مواجهة خطاب الكراهية والممارسات الإقصائية لا يمكن أن تتحقق إلا بالعمل المشترك بين المدارس والجمعيات والمؤسسات.

تكمن أهمية هذا التدخل في نهجه الشامل: فمن جهة، يركز على التربية كوسيلة لبناء مواطنين ومواطنات يحملون قيم المساواة؛ ومن جهة أخرى، ينسج خيوط العمل المجتمعي، ويؤسس لردود جماعية، ويقوّي شبكة تحمي وتحتفي بالتنوّع.

في عالمنا الجديد، وللاسف لا يزال يضيق بالاختلاف، تبرز خيرونا كمنارة أمل. فهذه الحملة ليست مجرد إجراء مؤقت، بل إعلان مبادئ واضح: إيمان راسخ بأن التعددية الثقافية ليست مشكلة يجب إدارتها، بل ثروة حقيقية يجب رعايتها. فكل ثقافة، وكل لهجة، وكل قصة حياة، هي حجر أساس في بناء مجتمع أكثر إنسانية.

وفي خيرونا، كما في كثير من مناطق كاتالونيا، لا تُعتبر الهجرة لدى منظمة كودناف مجرد رقم في الإحصاءات، بل هي نبض إضافي في قلب المدينة، وهي قصص وحياة أشخاص. إنها مستقبل المتعدد الثقافات التي ناضلنا من اجله.

تعليقات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد