مهاجر مغربي يُقتل خنقًا على يد شرطي بإسبانيا: هل تُبرر السرقة الإعدام الميداني؟
"الجمعيات المغربية بإسبانيا تغيب عن مشهد الجريمة... والشارع لا يتحرك".

أحمد العمري – برشلونة.
اهتزّت مدينة توريخون دي أردوث، نواحي مدريد، على وقع حادث مأساوي راح ضحيته مهاجر مغربي يبلغ من العمر 35 عامًا، بعد أن أقدم أحد عناصر الشرطة البلدية –خارج أوقات الخدمة– على خنقه حتى الموت في الشارع العام، وذلك إثر محاولة سرقة مزعومة لهاتف محمول.
الواقعة، التي وقعت مساء الثلاثاء 17 يونيو، بدأت عندما باغت شابان مغربيان شرطيين بلديين –أحدهما متقاعد والآخر في الخدمة– كانا يتجولان بلباس مدني، محاولَين سرقتهما. أحد الشرطيين لاحق أحد المشتبه فيهما وتمكن من إسقاطه أرضًا، قبل أن يخضعه لما يُعرف بقبضة “الماتاليون” (Mataleón)، وهي طريقة خنق تُستخدم في فنون القتال، ومُنعت في عدة دول لتسببها في حالات وفاة موثقة.
النتيجة: وفاة عبد الرحيم، مهاجر مغربي أعزل، بعدما تم تقييده وكان في حالة شبه غيبوبة عند وصول الشرطة الرسمية.
نعم، محاولة السرقة جريمة يُعاقب عليها القانون، لكن لا شيء يُبرر تحويل الشرطي إلى قاضٍ وجلاد في آن واحد. القانون الإسباني، والدولي، يكفل للموقوفين الحق في الحياة وسلامتهم الجسدية، ويمنع الاستخدام المفرط للقوة إلا في حالات الخطر المباشر.
في هذه الحالة، لم يكن الضحية مسلحًا، ولم يكن في وضعية تهديد للشرطي، بل كان مستلقيًا أرضًا وتمت السيطرة عليه. ومع ذلك، كانت النتيجة مأساوية: مغربي يُقتل خنقًا بيد رجل أمن، أمام أعين الشارع، وفي غياب أي حماية قانونية أو حقوقية.
لكن الأكثر إيلامًا من القتل نفسه، هو هذا الصمت الجماعي الذي لفّ القضية. فباستثناء بيان يتيم توصلت به كتالونيا24 من “الجمعية المغربية الكطلانية للتعاون والتنمية”، لم يصدر أي رد فعل في الشارع، لا من جمعيات حقوق الإنسان، ولا من جمعيات المهاجرين، ولا حتى من القوى السياسية التي تدّعي الدفاع عن الأقليات.
مات عبد الرحيم… وكأن شيئًا لم يكن.
لا وقفة احتجاج، لا بيان تضامن، لا مطالبة بفتح تحقيق عاجل، لا رسائل إلى القنصليات، لا ضغط إعلامي. وكأننا بصمتنا نقول للسلطات الإسبانية: نعم، دمنا رخيص.
البيان الكامل للجمعية المغربية الكطلانية
“إن الأمور لا تبشر بالخير. قضية عبد الرحيم، الذي قتلته الشرطة الإسبانية في توريخون نواحي مدريد خنقًا بتلك الطريقة الهمجية، مرّت علينا كجالية مغربية مرور الكرام، وفي صمت رهيب نظل نتفرج، وكأننا نؤكد للسلطات الإسبانية أن الدم المغربي جد رخيص.
نحن، بصفتنا الجمعية المغربية الكطلانية للتعاون والتنمية، نندد بهذا الحدث المفجع، ونرفض رفضًا باتًا مثل هذه التصرفات والمعاملات العنصرية التي يعاني منها أفراد جاليتنا المقيمة بإسبانيا. كما نناشد القنصلية العامة للمملكة المغربية في مدريد، والسفارة المغربية، باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذه القضية. نطالب باعتقال الشرطي الذي قام بخنق المغربي فورًا، ونريد من القضاء الإسباني محاكمة عادلة لأخينا عبد الرحيم، لكي ترتاح أفراد عائلته المفجوعة.
رحم الله أخينا عبد الرحيم. وإنا لله وإنا إليه راجعون. ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر”.
الشرطي المعني تم اعتقاله ثم أُفرج عنه مؤقتًا في انتظار تطورات التحقيق. لكن هل سيكون هناك إنصاف حقيقي؟ وهل ستتحرك المؤسسات المغربية الرسمية لمتابعة الملف بجدية؟
نحن لسنا أمام “حادث عابر”، بل أمام إفلات خطير من العقاب، وتطبيع اجتماعي مقلق مع العنف ضد المهاجرين، خصوصًا إن كانوا من أصول مغربية أو عربية.
السكوت اليوم، لن يحمي أحدًا غدًا.
كتالونيا24 – صوت الجالية حين يصمت الآخرون.
الخبر كما نقلته القناة السادسة الإسبانية: