جريدة إلكترونية بإسبانيا

ميثاق الهجرة الأوروبي، وهو اتفاق “يحتقر ويجرم” المهاجر..

كتالونيا24.

تم إعتمادالميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء في سبتمبر 2020 من قبل المفوضية الأوروبية والذي تم تعديله وينتظر ان يدخل حيز التنفيذ أوائل 2026، قد أثار انتقادات واسعة من قطاعات مختلفة، تتهمه بـ “الاستخفاف وتجريم” الأشخاص الأجانب. يسعى هذا الاتفاق إلى تنظيم وتنسيق سياسة الهجرة واللجوء في الاتحاد الأوروبي (EU)، ويُقدَّم على أنه حل لإدارة التدفقات الهجرية نحو أوروبا بشكل أكثر كفاءة وإنسانية. ومع ذلك، يرى كثيرون أن هذا الميثاق يقنن سياسات تقييدية وعقابية ضد المهاجرين واللاجئين.

يرتكز الميثاق على عدة محاور رئيسية:

1. حدود أكثر أمانًا ومراقبة معززة: يقترح تعزيز الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وزيادة الموارد المخصصة لوكالة فرونتكس، وكالة حماية الحدود. يشمل ذلك تسريع إجراءات اللجوء وإنشاء “مراكز استقبال” على الحدود الخارجية، حيث سيتم احتجاز المهاجرين حتى يتم تحديد وضعهم.

2. آليات الترحيل: من أبرز مميزات الميثاق المثيرة للجدل هو إعطاء الأولوية لترحيل طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم. وقد انتقد هذا الجانب من الميثاق لتحويل الاتحاد الأوروبي إلى “قلعة” تفضل الطرد على الاستقبال.

3. المسؤولية المشتركة: بالرغم من محاولة تعزيز توزيع أكثر عدالة للمهاجرين بين الدول الأعضاء، إلا أن الميثاق اختار في النهاية نظام “التضامن المرن”، حيث يمكن للدول أن تختار بين استقبال اللاجئين أو المساهمة ماليًا في تكاليف الترحيلات. يمكن أن يؤدي هذا إلى تحميل الدول الحدودية، مثل اليونان وإيطاليا، إسبانيا عبءًا أكبر.

4. التعاون مع دول ثالثة: يقترح الميثاق تعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور لوقف الهجرة غير النظامية. يشمل هذا التعاون اتفاقات لتسهيل الترحيلات ووقف التدفقات الهجرية قبل وصولها إلى الحدود الأوروبية.

تعرص  الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء لإنتقادات كثيرة من منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية، والقطاعات الأكاديمية، التي تعتبره تراجعًا في مجال حقوق المهاجرين واللاجئين. ومن بين الانتقادات الرئيسية:

– تجريم الهجرة: يُتهم الميثاق بالتعامل مع المهاجرين على أنهم تهديد بدلاً من اعتبارهم بشرًا في أوضاع هشة. إن الخطاب والسياسات المتعلقة بالتحكم والترحيل تُعلي من شأن الأمن على حساب حقوق الإنسان، مما قد يؤدي إلى زيادة تجريم المهاجرين.

– الظروف في مراكز الاحتجاز: أثارت فكرة إنشاء مراكز على الحدود الخارجية، حيث سيتم احتجاز المهاجرين أثناء معالجة طلباتهم، مخاوف بشأن الظروف المعيشية في هذه المراكز. ويعتقد المنتقدون أن هذه المرافق قد تتحول إلى مراكز احتجاز جماعية، مع ظروف تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.

– نقص التركيز على الاندماج: تعرض الميثاق لانتقادات لعدم معالجته بشكل كافٍ لقضية اندماج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية. بدلاً من تعزيز سياسات الإدماج، يُنظر إلى الميثاق على أنه يركز بشكل أكبر على التحكم والترحيل.

– عدم المساواة في المسؤولية: على الرغم من أن الميثاق يقترح نظامًا للمسؤولية المشتركة، إلا أن “التضامن المرن” في الواقع قد يُديم عدم المساواة في تحمل العبء بين الدول الأعضاء، حيث تتحمل الدول الحدودية الجزء الأكبر من العبء.

الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء، بعيدًا عن كونه حلًا شاملاً وإنسانيًا لإدارة التدفقات الهجرية في أوروبا، قد تعرض لانتقادات واسعة بسبب تبنيه نهجًا تقييديًا وعقابيًا. إن الهوس الظاهر بالأمن والسيطرة، على حساب حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين، يسلط الضوء على التوترات والتحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في السعي لتحقيق توازن بين قيمه التأسيسية وإدارة الهجرة في القرن الحادي والعشرين. إن تجريم الهجرة المتزايد لا يؤدي فقط إلى تآكل مبادئ التضامن والإنسانية، بل يضع أيضًا التزام أوروبا بحقوق الإنسان على المحك في الساحة الدولية.

تعليقات