هجوم على مركز القاصرين في بييرا جهة برشلونة: تصعيد خطير وسط توتر اجتماعي متزايد.

كتالونيا24 – بييرا، جهة برشلونة.
في ساعات متأخرة من ليلة السبت 24 ماي، تعرض مركز لإيواء القاصرين الأجانب غير المصحوبين بمدينة بييرا جهة برشلونة لهجوم عنيف من طرف مجهولين، استعمل فيه سائل قابل للاشتعال وحجارة، ما أدى إلى اندلاع حريق جزئي داخل المبنى، ولحسن الحظ لم يُسجَّل وقوع إصابات.
هذا الحدث المقلق يأتي بعد أيام من التوتر المتصاعد بين بعض سكان البلدة وعدد من القاصرين المقيمين في المركز، إثر مشاجرة جماعية يوم الأربعاء الماضي انتهت بإصابة شاب نُقل إلى المستشفى، وهو ما أشعل نقاشًا محتدمًا في أوساط السكان المحليين، وانتقل بسرعة إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث تم تداول مقاطع وفيديوهات بشكل مكثف.
رغم أن الشرطة الكتالونية (موسوس دي إسكوادرا) سارعت إلى تعزيز وجودها في البلدة، إلا أن الوضع لم يهدأ، بل ازداد توترًا مع انتشار دعوات للتظاهر من طرف جماعات يمينية متطرفة، شارك فيها متعاطفون مع حزب فوكس، ورفع فيها المحتجون شعارات مناهضة للهجرة ورافضة لوجود مراكز القاصرين، ما أعاد الجدل حول طبيعة الخطاب السياسي والإعلامي تجاه هؤلاء الفتية.
وقد فتحت الشرطة تحقيقًا لتحديد هوية منفذي الهجوم الليلي، كما تم استجواب عدد من الشهود وجمع تسجيلات كاميرات المراقبة من محيط المركز.
في الوقت الذي حاولت فيه بعض الجهات ربط أحداث العنف الأخيرة بسلوك بعض القاصرين، خرج عدد من سكان الحي بتصريحات تؤكد رفضهم المطلق للهجوم، داعين إلى التعامل بحذر مع الحساسيات الثقافية والاجتماعية، ومن بينهم خوردي مدريد، وهو ناشط محلي أكد أن ما حدث “مرفوض تمامًا، ولا يجب السكوت عنه، لكنه لا يبرر الترويج للكراهية ضد هؤلاء الأطفال”.
الغريب في الأمر هو غياب تعليق رسمي واضح من حكومة كتالونيا إلى حدود صباح الاثنين، ما فسره البعض على أنه تردد في معالجة ملف شائك تُفضل السلطات الإقليمية غالبًا تفادي الخوض فيه علنًا.
الهجوم في بييرا ليس حادثًا معزولًا، بل ينضاف إلى سلسلة من الاعتداءات التي طالت مراكز القاصرين في مناطق أخرى من إسبانيا، من بينها الهجوم في كالا راخادا بجزيرة مايوركا في صيف 2024، حين تم إطلاق أعيرة نارية على المركز، وكذلك حادثة غران كناريا في 2020، حينما تم رشق مركز للقاصرين بالحجارة.
وتشير تقارير إعلامية إلى تصاعد خطاب الكراهية والعنصرية في عدد من المدن الصغيرة والمتوسطة، حيث يتم تحميل القاصرين المسؤولية عن مشاكل أمنية واجتماعية دون أدلة واضحة، وهو ما يعتبره مراقبون تغذيةً لمناخ التحريض الذي تستفيد منه جهات سياسوية.
الهجوم الأخير يدق ناقوس الخطر بشأن هشاشة السلم الاجتماعي في المناطق التي تحتضن مراكز القاصرين، ويدعو إلى إعادة النظر في سياسات الإدماج، وتوفير الموارد البشرية والتربوية الكافية داخل هذه المراكز، وتطوير آليات الحوار المجتمعي، حتى لا يتحول الخوف والتوتر إلى كراهية ممنهجة.
ويبقى التحدي الأكبر أمام المؤسسات هو حماية القاصرين، وتحصين المجتمع المحلي من الانزلاق إلى العنف والعنصرية، في ظل سياقات دولية متوترة، وتنامي الخطابات الشعبوية التي تُغذي الانقسام وتُشيطن الآخر.