متفرقات

هل أصبحت “الشكوى” جريمة؟ تدوينة صحافي مغربي تضع وزير العدل في مرمى النقد.

كتالونيا24

في مشهد أثار الكثير من التفاعل، أطلق وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي تصريحاً تحت قبة البرلمان قال فيه بسخرية واضحة: “لي جلس فشي قهوة كينوض يدير شكاية بالمنتخبين”، في إشارة إلى تزايد الشكايات الشعبية ضد المسؤولين المنتخبين. تصريح لم يمر مرور الكرام، بل أثار ردود فعل عديدة، كان أبرزها ما دوّنه الصحافي المغربي المقيم في باريس، محمد وعموسي، عبر صفحته على فيسبوك، حيث انتقد بشدة هذا المنطق الذي يرى في المواطن العادي، الجالس في مقهى أو خلف شاشة هاتفه، تهديداً لموقع المنتخب أو المسؤول.

وكتب وعموسي: “الناس، يا سيادة الوزير، يجلسون في المقاهي لأنهم لا يملكون مكاتب مكيفة ولا حصانة برلمانية، ولكنهم يملكون شيئاً بسيطاً: الحق في الشكوى”. هذا الحق، كما شدد الصحافي في تدوينته، هو جوهر الديمقراطية، لا خطراً عليها. فهل أصبح من الممنوع على المواطن أن يُبدي رأياً أو يُحرك شكوى إذا رأى في منتخب ما فساداً أو تقاعساً؟ وهل أصبح اللجوء إلى القضاء فعلاً مداناً لمجرد أنه صدر من “مقهى”؟

ما يكشفه تصريح وهبي ليس فقط موقفاً شخصياً، بل ذهنية سياسية ترى في الوعي الشعبي مصدراً للإزعاج، وفي الصوت المرتفع مؤامرة، وفي فنجان القهوة حراكاً صامتاً قد يربك التوازنات. المفارقة أن الوزير نفسه يشغل منصب رئيس جماعة، وينتمي إلى حزب يضم عدداً كبيراً من المنتخبين، ما يجعل من تصريحه دفاعاً غير مباشر عن زملائه في الحزب أكثر من كونه تعبيراً عن موقعه كوزير للعدل، المفروض فيه أن يكون في صف المواطن حين يطرق باب القضاء، لا في موقع من يسخر منه.

التدوينة التي نشرها وعموسي أعادت تسليط الضوء على علاقة المواطن البسيط بالمؤسسات، وعلى التوتر المتزايد بين الشارع والسلطة في لحظة سياسية تتطلب مزيداً من الإنصات لا التهكم. فحين يشعر المسؤولون بالإزعاج من شكوى فرد عادي، فإن ذلك لا يُدين المواطن، بل يطرح سؤالاً كبيراً: لماذا تخيف الشكوى؟ ومن يخشى صوتاً يقول ببساطة: كفى فساداً؟

الحق في الشكوى ليس امتيازاً طبقياً، ولا رفاهية مؤسساتية. إنه ركيزة في البناء الديمقراطي. وإن كان الجلوس في المقهى أو التعبير على فيسبوك يولّد وعياً يقلق بعض المسؤولين، فالمشكلة ليست في المواطن، بل في السلطة التي لم تعد تطيق فنجان قهوة وفكرة جريئة.

تجدر الإشارة إلى أن محمد وعموسي هو صحافي مغربي يقيم في باريس، ويشغل حالياً منصب رئيس مكتب وكالة أنباء الإمارات وتلفزيون دبي. سبق له أن عمل في عدد من المؤسسات الإعلامية الدولية، ويُعرف بمقالاته الجريئة ومتابعاته الدقيقة للشأن السياسي المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى