وانا بصدد متابعة اطوار العملية الانتخابية او مايجب ان اسميه “العرس الدمقراطي الاندلسي” الذى عاشته جهة اندلسيا يوم امس الاحد ،تذكرت كلمة “الاستعصاء العربى ” التى وردت على لسان احد المشاركين في ندوة حول معضلة الدمقراطية في الوطن العربي، اوردها في سياق استدلاله على ان الوطن العربي يبقى بمثابة الاستثناء الوحيد في عالم تجتاحه رياح الدمقراطية، لانها كما قال تصطدم “بالاستعصاء العربي” .
شعب اقليم اندلسيا الاسبانى اعطى العالم يوم امس درسا في النضج السياسي وهو يدير العملية الانتخابية بكل تلقائية و شفافية و حرية، بعيدا عن اي تدخل وبعيدا اية وصاية سلطوية ..او تبرم من مظاهر استعمال المال الحرام في شراء الضمائر … ليبرهن بكل المقاييس على انه بالفعل شعب جدير بنظام سياسي جهوي يحمي الحريات والحقوق ويقوم على دولة المؤسسات المدنية المنتخبة وحكم القانون والشفافية والمساءلة.
في وطننا العربي حيث نعيش على وقع تجرع مرارة انتكاسة ثورة الربيع العربي التى اجهضها “الاستعصاء” العربي كما قال الاستاذ المتدخل ، توهمنا ان “الممانعة ” العربية لدمقرطة الحياة السياسية واطلاق الحريات قد “كُسِرت” بفعل هبوب رياح التغيير ، وأنّنا كغيرنا من شعوب الارض سنتمتع أخيرًا بفضائل الديمقراطية ودولة العدالة والمواطنة.
غير أنّ تلك كانت مع الاسف الشديد مجرد قراءة غير صحيحة ، فالاستعصاء على الديمقراطية كان أقوى من هبة الثورة ومن ارادتنا ، وها نحن اليوم في ظل ما تعيشه دول الربيع العربي من ثورات “مضادة”، نعود إلى المربع الأول، مربع أن العرب هم فعلا الاستثناء الذي يسبح ضد التاريخ..
ومما ضاعف من شعورى بالانتكاسة والاسى وخيبة الامل ان يوم امس الاحد تزامن ايضا مع مناسبة اقامة عرس دمقراطي اخر عاشته جماهير جالية كولومبيا باسبانيا والتى دعيت للادلاء بصوتها انطلاقا من بلد اقامتها في الانتخابات التى اجريت ببلدها الام يوم امس ..
سير على الله وخلاص….