جريدة إلكترونية بإسبانيا

وقفة صريحة مع تاريخنا الأسري.

محمد الحبيب إگوديان

ننظر لتاريخ الوالدين وقد أحاطت به هالة قداسة، تعمينا عن قصور ، نرى عواقبه الوخيمة في شبكة علاقاتنا بين ذوي الأرحام، معظم آباء الجيل السابق، إلا من أوتي حكمة وتبصرا، يرى الأسرة كفاحا وضربا في الأرض لأجل لقمة عيش تقي الصغار الجوع وسؤال الغير، وأما الصحة، فكان البلاء عاما، وأما التعليم فقد سعى معظمهم لتعليم صغارهم، بعضهم ليكبر الصغار فينفقوا ردا لدين الرعاية الأول، والبعض ليكون صغيره خيرا منه فلايكدح كما كدح، فأين الخلل!؟ هم حملة قيم الرجولة والتماسك الأسري لكنهم زلوا مرتين، أولاهما لم يورثوها للأبناء، فلان و الخلف يتواصلون رحما على سيرة الخلف، والقيم التسامح والعفو والتغافر والتغافل، وحين يقع الخلاف بين زوجين يلتئم بسرعة لتوافق العوائل فيحاصر الزوجان فيحل الخلاف بالإحتواء، ولم يسع الآباء لتوريث هذه القيم وطرق التدبير للأبناء عبر جلسات النصح والتعليم، فكان الهم توفير اللقمة وعلاج الأخطاء بالجلد وقمع الأصوات، وثانية الأثافي أي المصائب، وهي التمييز عامدبن أم غير عامدين بين الأبناء، والأثر : تباغض بين الأبناء وعداوات متأصلة، ويزداد السواد، حين يتزوج الأبناء فيبتلون بزوجات ربين على تصنيف أهل الزوج عدوا حيويا، لابد من قصفهم نعومة أو خشونة، وتوظيف الكيد والسحر وماحرم الله، فيسعين لتملك الرجل، وإبعاده رويدا أو دفعة واحدة، فتجد الرجل يحن على أبناء أخته لعدم وجود حاجز، وتراه بعيدا عن أبناء أخيه لتأليب زوجته الأبناء على عمومتهم، وهانحن أولاء حيال معارك وتباغض وتمايز، وجيل يخاصم بعضه بعضا، وترى إرثا لايوزع لأن الأخ الأكبر يرفض مُؤْتَمِرًا بأوامر زوجته ، أو أختا يحرضها زوجها على إخوانها، واسألوا مقرات الشرطة والمحاكم، فهي تعتاش، من ملفات الحروب بين ذوي الرحم.

رحم الله آباءنا كانوا – والله بهم عليم – خيارا ولكن لم يسعوا – لأسباب لانعلمها – فلم يورثوا قيم الخيرية للأبناء، والشاهد من القول، هو أن القوة في الجمع بين الرعاية والتربية والتوريث للقيم عبر الوسائل المناسبة لكل عصر، فالقيم ثابتة والوسائل متغيرة شرط أن نتذكر “شرف الغاية مع شرف الوسيلة” ومقالتي هذه ليست محاكمة للوالدين فهم عند ربهم بما أتوا وقدموا، فالدعاء لهم بالرحمة، واجب، ولكن نحاكم عدم توريث القيم، فنسعى نحن ألا نكرر الخطأ، فنتصالح مع صغارنا فنربيهم على القيم الثابتة بوسائل مناسبة فقد خلقوا لزمان غير زماننا، وما أدراك ما العصر و القصف العنكبوتي.

“رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ”

تعليقات