يوم Hispanidad “الهسبانية” واحتفاله في إسبانيا
كتالونيا24.
يحتفل بيوم الهسبانية Hispanidad، المعروف أيضًا باسم العيد الوطني لإسبانيا، في الثاني عشر من أكتوبر كل عام. يحيي هذا التاريخ ذكرى وصول كريستوفر كولومبوس إلى القارة الأمريكية عام 1492، وهي لحظة محورية في التاريخ شهدت بداية التوسع الثقافي واللغوي والديني لإسبانيا في العالم الجديد. لا يقتصر الأمر على كونه تاريخًا مهمًا، بل يعد أيضًا فرصة للتأمل في الهوية المشتركة بين الشعوب الناطقة بالإسبانية والإرث الثقافي الذي يربط إسبانيا بأمريكا اللاتينية.
تعود جذور يوم الهسبانية hispanidad إلى يوم العرق، وهو احتفال اقترحه المفكر الإسباني فاوستينو رودريغيز سان بيدرو في أوائل القرن العشرين. كان هدفه تسليط الضوء على الوحدة بين الشعوب الناطقة بالإسبانية وتأثير إسبانيا في العالم. تبنت الفكرة عدة دول في أمريكا اللاتينية، وإن كان ذلك بتسميات ومفاهيم مختلفة. وفي إسبانيا، تم اعتماد العيد رسميًا كـ عيد الهسبانية عام 1958، ولاحقًا في عام 1987، أعلنه الحكومة الإسبانية عيدًا وطنيًا، مع التركيز على أهميته الوطنية.
يشير مصطلح “الهسبانية” إلى المجتمع الذي يتكون من الدول والأشخاص الذين يتشاركون اللغة والثقافة وبعض السمات التاريخية المرتبطة بالعالم الناطق بالإسبانية. بهذا المعنى، فإن الاحتفال في إسبانيا لا يقتصر على تذكر الماضي الاستعماري، بل يسعى أيضًا للتفكير في الإرث الثقافي المشترك بين شبه الجزيرة الإيبيرية وأمريكا اللاتينية.
وقد توسع مفهوم الهسبانية Hispanidad ليشمل عناصر من التنوع، بحيث يدمج الثقافات التي كانت موجودة قبل كولومبوس والثقافات الأفريقية التي تداخلت مع الثقافة الإسبانية على مر القرون. اليوم، تسلط المناسبة الضوء أيضًا على التعاون والروابط التضامنية بين الدول الناطقة بالإسبانية.
في إسبانيا، يحمل الثاني عشر من أكتوبر دلالة رمزية قوية، حيث يتم الاحتفال به عبر أنشطة متنوعة، ومن أبرز هذه الأنشطة العرض العسكري للقوات المسلحة في مدريد. يُقام هذا العرض بحضور الملك والعائلة الملكية، وتشارك فيه القوات العسكرية إلى جانب ممثلين عن مختلف أجهزة الدولة. لا يقتصر العرض على طابعه الاحتفالي، بل يحمل أيضًا صبغة وطنية تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية.
على المستوى الرسمي، تُنظم كذلك فعاليات رسمية لتكريم شهداء الوطن، بالإضافة إلى أنشطة ثقافية تبرز أهمية الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين إسبانيا والدول الناطقة بالإسبانية.
على مر السنين، أصبح الاحتفال بيوم الهسبانية Hispanidad موضع جدل وانتقاد في كل من إسبانيا وخارجها. يرى العديد أن هذا اليوم يمثل فرصة للاحتفاء بالتبادل الثقافي الذي أنتج تنوعًا ثريًا يميز الدول الناطقة بالإسبانية. ومع ذلك، يرى آخرون أن هذا اليوم يذكر أيضًا بالاستعمار والعنف والاستغلال الذي عانى منه الشعوب الأصلية في أمريكا.
وفي ظل هذه التوترات، يقترح البعض أن يُحتفل بهذا اليوم ليس فقط كتعبير عن الفخر بالهسبانية، ولكن أيضًا كفرصة للاعتراف بتأثير الماضي الاستعماري وتعزيز التعاون بين الدول الناطقة بالإسبانية على أساس من الاحترام والمساواة.
يُعد يوم الهسبانية Hispanidad في إسبانيا مناسبة مليئة بالتاريخ والمعاني. فبينما يحيي حدثًا مهمًا في التاريخ العالمي، يقدم أيضًا فرصة للتأمل في الروابط الثقافية والتنوع الذي يميز المجتمع الناطق بالإسبانية. ومع مرور الزمن، يتكيف هذا الاحتفال مع المستجدات، ليكون ليس فقط عيدًا للهوية، بل أيضًا مساحة للحوار حول الجوانب الأكثر تعقيدًا للماضي المشترك.