محمد الغيدوني المرابط رئيسًا لاتحاد الجمعيات الإسلامية في كتالونيا لولاية جديدة: “الاتحاد مسؤولية جماعية والتزام أخلاقي”.

أحمد العمري – برشلونة.
أعادت الجمعية العامة لاتحاد الجمعيات الإسلامية في كتالونيا (UCIDCAT) انتخاب محمد الغيدوني المرابط رئيسًا للاتحاد لولاية جديدة مدتها خمس سنوات، في خطوة تعكس تجديد الثقة بقيادته وخبرته الطويلة في إدارة الشأن الإسلامي المدني بالجهة.
وفي أول رسالة له عقب انتخابه، عبّر الغيدوني عن امتنانه العميق لأعضاء الجمعية العامة، مؤكدًا أن هذه الثقة تمثل بالنسبة له “شرفًا عظيمًا ومسؤولية جسيمة”، وأنه سيواصل مهامه بروح التواضع والالتزام لخدمة المؤسسات الإسلامية وتعزيز حضورها المجتمعي.
وقال الغيدوني: “يجب أن تظل مؤسستنا مثالًا في الشفافية والتسيير الرشيد، ونموذجًا لمنظمة منفتحة وتشاركية ومسؤولة. فالمحاسبة والاستخدام الأخلاقي للموارد، واتخاذ القرارات بالتوافق، ستكون محاور أساسية في عملنا”.
وشدّد على أهمية التواصل الداخلي بين مكونات الاتحاد، داعيًا إلى الإصغاء المتبادل وتبادل الأفكار بشكل دائم، من أجل تقوية وحدة الصف وتفعيل دور الجمعيات الإسلامية في النسيج المجتمعي الكتالاني.
ومع تجديد الثقة بمحمد الغيدوني، تتعاظم الانتظارات داخل أوساط الجالية المسلمة، التي تأمل أن تنتقل مرحلة قيادة الاتحاد إلى مستوى جديد من الفاعلية والاستجابة الحقيقية لحاجياتها المتزايدة.
في مقدمة هذه الانتظارات، يأتي ملف التعليم الديني للأطفال، حيث ما زال مئات التلاميذ المسلمين يتلقون حصصًا بديلة عن التعليم الديني داخل قاعات المساجد في ظروف تربوية تفتقر لأبسط مقومات الجودة، وهو ما يطرح تحديًا كبيرًا على الاتحاد للمطالبة بإدماج مادة التعليم الإسلامي داخل المدارس العمومية الكتلانية، على غرار باقي المواد الدينية، رغم بداية المشروع لكنه لا زال محتشما.
كما يبرز ملف المقابر الإسلامية كواحد من المطالب المؤجلة التي تنتظر تحريكًا جديًا، في ظل غياب أماكن دفن مخصصة للمسلمين في عدد من البلديات، ما يضطر بعض العائلات إلى ترحيل جثامين ذويها نحو بلدانهم الأصلية.
في السياق نفسه، تطالب مكونات الجالية الإسلامية بضرورة إدماج الأعياد الدينية الإسلامية، كعيد الفطر وعيد الأضحى، ضمن الجدولة الرسمية للأعياد على المستوى الجهوي والمحلي، بما يعكس التعدد الثقافي والديني للمجتمع الكتالاني.
من جهة أخرى، لا يزال ملف الترخيص للمساجد يطرح إشكالات كبيرة، حيث تواصل عشرات الجمعيات ممارسة شعائرها في محلات تجارية أو كراجات مخصصة في الأصل لأغراض أخرى، في غياب دعم حقيقي لتوفير فضاءات لائقة ومجهزة تليق بحرمة العبادة.
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه الاتحاد في المرحلة المقبلة، العمل على تكوين الخلف من الشباب المؤهلين لتدبير الشأن الديني، في ظل هيمنة عقلية تقليدية على كثير من المساجد، ووجود أئمة ومشرفين يفتقرون لأدوات التواصل مع الأجيال الجديدة، ما يهدد بحدوث قطيعة بين الشباب والمؤسسات الدينية.
وفي هذا السياق، يرتقب أن يُفعّل الاتحاد دورًا أكبر في برامج التكوين والتأطير والتجديد المؤسساتي، من أجل ضمان انتقال سلس وفعّال بين الأجيال، وتجديد آليات الخطاب الديني بما يتماشى مع تحديات الواقع الأوروبي.
رئاسة محمد الغيدوني لولاية جديدة تضع الاتحاد على مفترق طرق حقيقي، بين الاستمرار في الأداء التقليدي أو الانخراط في مرحلة جديدة من التحول المؤسسي والتأثير المدني.
الكرة اليوم في ملعب القيادة الجديدة، التي يتوجب عليها تحويل الخطاب إلى برامج ملموسة، وفتح حوار جاد مع السلطات الجهوية والمحلية، وتفعيل الوساطة الفعالة لصالح الجالية التي لا تزال تنتظر الكثير.