السيدة مارى كارمن الراهبة المتقاعدة ؛ هي من عودت عينى اكثر من بين بقية ساكنة العمارة على رؤيتها ،و تحيتها ، وتبادل اطراف الحديث معها حول التضخم وارتفاع الاسعار والسياسة والحرب وامور شتى ،في كل الصباحيات عندما اكون بصدد الخروج في حصة المشي اليومية .
مارى كارمن، تقطن بالشقة الارضية المحادية للبورطال او “باب العمارة” ،لذلك فهي كأنما وهبت نفسها لخدمة الجيران بلعب دور البوابة (بورطيرا بدون مقابل ) اذ ،هي من تفتح الباب لمراقبي عدادات الماء والكهرباء وللغرباء وأي من الجيران يغفل حمل مفتاح الباب لسبب او لطارئ … وهي من تستقبل ساعية البريد و تساعدها في ضبط اسماء المرسل اليهم وفي وضع الاشعارات والرسائل في الصناديق الملائمة لكل اسم ، وهي من تحول دون ان يفلح موزعو البروباكاندا التجارية في التخلص من “قمامتهم” كما تسميها بافراغها ارضا ببهو العمارة …كما لا تفوتها صغيرة ولا كبيرة في نقل مضامين الرسائل الصوتية التى يصدرها بوق البلدية واشعار بقية الجيران بمضمونها …
مارى كارمن غيبها المرض منذ شهور خلت للفترة التى تطلبها اخضاعها لبعض الفحوصات بالمستشفى، فترك غيابها ثقبا هائلا في ايقاع الروتين اليومى ..ظل .باب شقتها مغلقا لمدة ليست باليسيرة، الى ان تفاجأنا ذات صباح بوجود عمال يقومون بنزع وتعويض اقفال باب شقة مارى كارمن بحضور احد افراد عائلتها …تساءل الكل ياترى مالطارئ ؟ هل رحلت مارى كارمن عن هذه الدنيا وتوجد ملكية شقتها بصدد الانتقال الى مالك او مالكين جدد من ورثتها ام تم ايداعها باحدى دور الرعاية المخصصة للمسنين ؟ …لا هذا ولاذاك …مارى كارمن توجد بصحة اكثر جودة وقوة من صحة حصان …كل ماهناك ان بيت مارى كارمن نجا باعجوبة من السقوط فريسة في يد جماعة من المتعاطين “للسكواط” ( احتلال مساكن الغير بدون وجه حق )…حاولوا كسر اقفال البيت واحتلاله في عز الليل ولسوء حظهم ان ضربات المطارق؛ ايقظت ساكن الشقة المقابلة سانتياكو الكهل الاعزب الذى يعيش وحيدا منذ ان هجرته زوجته على اثر اخر انذار وجهته اليه ليتخلى عن هواية مقارعة الكحول ومعاشرة ماكينة tragaperras (ماكينة القمار ) ….سانتياكو الذى لسوء حظ المهاجمين ولحسن حظ مارى كارمن تصادف انه لم يكن ثملا حتى الموت كعادته في تلك الليلة …فقام باشعار رجال الحرس المدنى الذين حضروا الى عين المكان .