جريدة إلكترونية بإسبانيا

معضلة ومشكلة وقضية.

طلحة جبريل. أتاح لي العالم الاسفيري (الأنترنيت) الإطلاع على دراسة ملفتة عن الهجرة. تشير الدراسة إلى أن كندا من بين الدول التي تأمل في استقبال أكبر عدد من المهاجرين ابتداء من العام المقبل بحيث يصل عددهم إلى مليون شخص خلال ثلاث سنوات . يعتقد الكنديون، وهذا ما سمعته هناك، أن استقبال المزيد من المهاجرين سيؤدي إلى خلق مجتمع أكثر تسامحاً وبالتالي تجنب “العنف والكراهية “. ستصدر هذه الدراسة في كتاب. تلطف الباحث الذي أنجزها أن ارسل لي نسخة لإبداء ملاحظات. تحاول الدراسة طبقاً لمنهج استقصائي وعلمي، رصد الأسباب التي أدت الى هجرة كثيرين خارج بلدانهم لأسباب متباينة. تبين للباحث إن الجانب الإقتصادي يأتي في المقدمة ، ثم الاعتبار التعليمي، وفي الأخير الأوضاع السياسية ، على سبيل المثال ، التضييق أو الشعور بعدم الأمان. تغطي الدراسة فترة طويلة نسبياً تمتد لأربعة عقود . اي أربعين سنة، وبلغة أخرى أربعة أجيال من المهاجرين. ما يلفت الإنتباه أن فترة ما قبل الإستقلال، في هذه المنطقة الممتدة من ” المحيط إلى الخليج ” ، والتي يفترض ان تشهد أكبر نسبة نزوح، لأن سكانها كانوا يبحثون آنذاك عن “التعليم” و ” العمل”، عرفت خلال سنوات ما بعد الاستقلال ، فترة خمود لا مثيل لها في حركة الهجرة ، بسبب توفر “التعليم” ووجود فرص “العمل”. أكثر من ذلك كان التماسك الاجتماعي قوياً، والإستقرار السياسي والأمني واضحاً . خلال حقبة الستينيات نشطت الهجرة التعليمية ، خاصة الى أوربا، وهو أمر مفهوم، لأن جيل ما بعد سنوات الاستقلال كان يرغب في دخول “سوق الشغل” بشهادات تتيح له وضعاً مريحاً. في النصف الثاني من الستينيات اتجهت شريحة صغيرة من مختلف دول المنطقة في إطار “الهجرة التعليمية” إلى الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية. خلال حقبة الستينيات انقسمت المنطقة سياسياً الى قسمين، بعض البلدان تحت ظل أنظمة شمولية، وأخرى تجرب ديمقراطية نسبية ، لذلك ظلت حركة الهجرة خامدة. بعد منتصف الستينيات أدت ثلاث عوامل الى حركة هجرة نشيطة تسارعت وتيرتها. كانت هذه العوامل هي الأوضاع السياسية ، حيث سادت صراعات سياسية أدت في بعض الأحيان إلى صدامات مسلحة لانتزاع السلطة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وبداية نمط استهلاكي جذاب في بعض مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتطلب مالاً ، وهو ما يستدعي الهجرة لجلبه. أدى كل ذلك الى إنقسام المجتمعات إلى قسمين ، فقراء تمطرهم وسائل الإعلام قديمه وحديثه بما يحدث حولهم. وأغنياء يعتقدون أن “مجتمع الرفاهية” يعتمد على الصدقات. خلال العقود الأخيرة ، برزت عوامل جديدة، من أهمها الحروب الأهلية، والإرهاب ، والعزوف السياسي . هنا نلاحظ إن القيم التي تضبط وتؤثر في حركة المجتمع ، تغيرت تماماً إلى حد اختلطت فيه الأمور ، ووصلت حداً يتعذر فهمه. أختم بما بدأت لأقول إن الظروف المجتمعية عندما تكون طاردة ، بحيث يكون “حلم” الشباب الهجرة ، هذا يعني أن هناك معضلة ومشكلة وقضية . في هذا الحالة يفترض التصدي للمعضلة. والمشكلة تحتاج إلى حل. والقضية تتطلب معالجة. تم النشر بموافقة الكاتب.]]>

تعليقات