46 عامًا على الدستور الإسباني: ركيزة الديمقراطية.
كتالونيا24.
يُصادف يوم 6 ديسمبر 2024 الذكرى السادسة والأربعين لاعتماد الدستور الإسباني لعام 1978، الوثيقة التي تمثل توافق وإرادة الشعب الإسباني بعد عقود من الديكتاتورية. وُلد هذا الدستور في سياق التحول السياسي، ووضع أسس ديمقراطية قوية وتعددية، وأصبح الإطار القانوني الأساسي الذي ينظم التعايش في إسبانيا منذ ذلك الحين.
كان دستور 1978 نتيجة عملية تاريخية فريدة، حيث نجحت قوى سياسية واجتماعية مختلفة، من اليسار إلى اليمين، في تحقيق اتفاق غير مسبوق. بدأت المرحلة الانتقالية إلى الديمقراطية بعد وفاة الديكتاتور فرانثيسكو فرانكو في عام 1975، بقيادة الملك خوان كارلوس الأول وحكومة أدولفو سواريث. وأتاحت “القانون من أجل الإصلاح السياسي” لعام 1977 انتخاب مجلس تأسيسي تم تكليفه بصياغة الدستور.
وفي 6 ديسمبر 1978، وافق الشعب الإسباني على الدستور في استفتاء شعبي، حيث بلغت نسبة الموافقة 87.78% بمشاركة بلغت 67.11%. يتألف هذا الدستور من 169 مادة، ويضع مبادئ رئيسية مثل السيادة الوطنية، وفصل السلطات، والاعتراف بالحقوق الأساسية، ونظام الحكم الذاتي للأقاليم.
يتميز الدستور الإسباني بتركيزه على:
1. الوحدة والتنوع للدولة: يعترف بإسبانيا كدولة واحدة، ولكنه يضمن الحكم الذاتي للمناطق والأقاليم.
2. الحقوق والحريات الأساسية: يحمي حقوقًا مثل المساواة، وحرية التعبير، والحصول على التعليم والرعاية الصحية، وغيرها.
3. الديمقراطية وسيادة القانون: يؤسس لنظام برلماني ديمقراطي، حيث يستمد الشعب السلطة ويخضع الجميع لحكم القانون.
على مدار أكثر من أربعة عقود، ساهم الدستور في ترسيخ ديمقراطية حديثة في إسبانيا، وتعزيز التكامل مع الاتحاد الأوروبي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، واجه أيضًا تحديات كبيرة.
رغم الاختلافات الأيديولوجية والتحديات الراهنة، يظل دستور 1978 رمزًا للوحدة والتعايش السلمي في إسبانيا. وتشكل الذكرى السادسة والأربعون فرصة للتأمل في الطريق الذي تم قطعه والتحديات المستقبلية، مع تجديد الالتزام بالقيم الديمقراطية التي وحدت البلاد في عام 1978.
تُذكرنا هذه المناسبة بأهمية الحوار والتوافق كأدوات أساسية لبناء مستقبل أكثر عدلاً وإنصافًا لجميع الإسبان.