أحمد العمري/ برشلونة.
في سابقة قضائية مأساوية، أمضى أحمد توموحي (Ahmed Tommouhi) أكثر من 15 عامًا في السجن بسبب أخطاء قضائية متتالية أدت إلى إدانته ظلماً بجرائم لم يرتكبها. تعود جذور القضية إلى التسعينيات، حيث أُدين هو وزميله عبد الرزاق مونيب (Abderrazak Mounib) في سلسلة من الاعتداءات استنادًا إلى شهادات مشكوك في صحتها وإجراءات تحقيق معيبة. وعلى الرغم من غياب الأدلة القاطعة، واجه الرجلان أحكامًا قاسية، مما جعلهما ضحايا لمنظومة عدالة لم توفر لهما الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة.
بعد عقود من الصمت، عادت وسائل الإعلام الإسبانية لتسليط الضوء على هذه القضية، مما أثار جدلًا واسعًا حول الأخطاء القضائية في إسبانيا، وفتح الباب أمام نقاشات جديدة حول كيفية تصحيح مثل هذه المظالم وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
بدأت محنة أحمد توموحي عندما تم اعتقاله في أوائل التسعينيات في إسبانيا، حيث تم اتهامه بجرائم خطيرة بناءً على شهادة ضحايا تعرضوا لهجمات مروعة. ورغم غياب أدلة مادية قوية، إلا أن التعرف البصري الذي اعتمدت عليه الشرطة أدى إلى إدانته، وهو الأمر الذي أثبت لاحقًا عدم دقته في العديد من القضايا المماثلة.
لم يكن توموحي وحده في هذه المأساة، فقد واجه عبد الرزاق مونيب المصير نفسه، لكنه لم يحظَ بفرصة تبرئة اسمه، حيث توفي في السجن عام 2000 دون أن يتمكن من رؤية العدالة تتحقق. أما توموحي، فقد ظل يقاتل من أجل إثبات براءته، إلى أن بدأت بعض الصحف والمنظمات الحقوقية بإثارة قضيته في العقدين الأخيرين.
في عام 2023، ألغى المحكمة العليا الإسبانية الإدانات التي صدرت بحق توموحي، معترفة بحدوث أخطاء جسيمة في المحاكمات التي تعرض لها.
عادت هذه القضية إلى الواجهة بفضل تحقيقات وتقارير إعلامية حديثة سلطت الضوء على حجم الخطأ القضائي الذي تعرض له توموحي. ومن بين أبرز وسائل الإعلام التي تناولت الموضوع:صحيفة “El Diario”: نشرت تقريرًا مفصلًا يتناول سلسلة الأخطاء التي أدت إلى إدانة توموحي، مشيرة إلى أن السلطات القضائية آنذاك كانت تبحث عن “كبش فداء” لإغلاق القضية بسرعة، دون التأكد من صحة الأدلة.
محطة “Cadena SER” الإذاعية: خصصت برامج لمناقشة القضية، حيث استضافت خبراء قانونيين وحقوقيين للحديث عن فشل النظام القضائي في توفير محاكمة عادلة للمتهمين. بالإضافة لبرامج أخرى بالقناة الإسبانية الخامسة والسادسة.
كتاب “Justicia Poética” للصحفي براوليو غارسيا خايين**: تناول الكتاب قضية توموحي كنموذج للأخطاء القضائية في إسبانيا، مما أعاد النقاش حول ضرورة إصلاح النظام القانوني وتحديث آليات مراجعة الأحكام.
إعادة فتح هذا الملف لم تقتصر على الجانب الإعلامي فقط، بل دفعت العديد من المنظمات الحقوقية للمطالبة بإصلاحات جوهرية في النظام القضائي الإسباني، خصوصًا فيما يتعلق بآليات التعرف البصري التي ثبت خطؤها في عدة قضايا.
كما أن هذا الملف طرح تساؤلات حول تعويض الضحايا الذين قضوا سنوات في السجن ظلمًا، إذ يواجه توموحي الآن معركة قانونية جديدة للحصول على تعويض عن السنوات التي فقدها خلف القضبان.
تكشف قضية أحمد توموحي عن أوجه القصور في النظام القضائي، حيث يمكن لأخطاء بسيطة في التحقيقات أن تدمر حياة أشخاص أبرياء. عودة وسائل الإعلام الإسبانية لتناول هذه القضية بعد سنوات من التهميش تؤكد على أهمية الصحافة في تسليط الضوء على الأخطاء القضائية والمساهمة في تصحيحها. ومع استمرار الجدل حول هذه القضية، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن ضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي مستقبلاً؟
إلى جانب المعاناة النفسية والاجتماعية التي خلفها السجن ظلماً، يواجه أحمد توموحي اليوم ظروفًا صحية غاية في الصعوبة ، إذ تعرض لبتر إحدى ساقه بسبب مضاعفات مرض السكري . هذا التطور الصحي الخطير يجعل وضعه أكثر تعقيدًا، حيث أصبح بحاجة ماسة إلى دعم طبي واجتماعي لمساعدته على تجاوز هذه المحنة.
ونظرًا لوضعه الصحي الحرج، نوجه نداءً إنسانيًا إلى الجمعيات الخيرية والمنظمات الحقوقية ، سواء في إسبانيا أو المغرب ، من أجل تقديم الدعم اللازم له، سواء من خلال:
توفير كرسي متحرك أو طرف صناعي لمساعدته على استعادة استقلاليته.
تقديم دعم مادي واجتماعي لمساعدته على إعادة بناء حياته بعد المأساة التي عاشها.