“سوريا بين الكراهية والعدالة: هل يعيد التاريخ نفسه؟”
أحمد العمري/ برشلونة.
الوضع في سوريا اليوم يثير الكثير من المخاوف بشأن مستقبل البلاد، خاصة عندما نسترجع ما حدث في دول أخرى مثل ليبيا. لحظة الإطاحة بمعمر القذافي وما تبعها من فوضى، كانت مثالًا حيًا على أن تصفية الحسابات بالانتقام، بدلًا من الاحتكام للقانون، يمكن أن يؤدي إلى انهيار الدولة بدلًا من بناءها.
مشهد إعدام طلال دقاق أمام الجموع يعكس واقعًا مظلمًا: العدالة تتحول إلى أداة للانتقام. بغض النظر عن وحشية أو ديكتاتورية أي نظام، فإن استبدال الظلم بظلم آخر لا يحقق العدالة، بل يعمّق الانقسامات ويغذّي الكراهية. مستقبل أي بلد لا يمكن أن يُبنى على الانتقام والغضب، بل يجب أن يستند إلى أسس قانونية واضحة، ومؤسسات قضائية نزيهة تتولى المحاسبة.
التاريخ يعلمنا أن الكراهية لا تُنتج سوى مزيد من الكراهية، وأن الدول لا تُبنى إلا بالمصالحة، العدالة الانتقالية، وسيادة القانون. سوريا اليوم في مفترق طرق: إما أن تختار مسار الانتقام والتشفي، مما قد يؤدي إلى سنوات أخرى من الصراع والفوضى، أو أن تسعى نحو مسار يضع أسسًا لبناء دولة تحترم القانون، وتحمي حقوق الجميع، حتى أولئك الذين ارتكبوا الجرائم، من خلال محاكمات عادلة.
بدون عدالة حقيقية تُعيد الحقوق لأصحابها وتُعاقب الجناة وفق القانون، ستبقى سوريا أسيرة دوامة الكراهية والدمار. والدرس الليبي يجب أن يكون حاضراً في الأذهان: لا مستقبل لدولة تفتقر إلى العدالة والإنصاف.