ق.م.
الوضع الكارثي للجسم الجمعوي للجالية المغربية لم يستبيح الغور في مفاهيم الهوية المغربية كأحد اسوار الشخصية المغربية المطبوعة بالتربية المغربية و الثقافة الاصلية بمنابعها الأمازيغية و العربية و الافريقية و المحصنة بالتراث الاسلامي والمعززة بالتربية الاسلامية.
ثقافة إستهلاك الصورة و القفز على القيم و الثوابت فرضت علينا التأقلم مع متغيرات حضارية نسفت الهوية المغربية وألزمتنا بالتعايش مضطرين و عاجزين مع الاساليب الدخيلة والغريبة و حتى المظاهر التى كانت الى حد بعيد من الغلو والاختلاف بل و الموبوءة بالفعل المجرد و المحرم المؤسس.
الهوية المغربية التي ينفرها او ينتقدها الحداثيون الثوريون ليس مزاجية للاجيال السابقة، و انما هي تراكمات لثقافات تربوية تزامنت مع ازمات المغرب و مع مراحل تطور مدارس فكره الديني و الروحي و انفتاحه على موسسات البلدان والحضارات و الاديان الاخرى،
هي انتاج مركز لمفاهيم الاسرة المجتمعية الموحدة و المتضامنة و هي مسؤولية الأسر بكاملها و خط سير تظله طاعة الوالدين واحترام الكبار و الجيران و احترام الفقيه و القاضي و العمل على تكريس الفضيلة كتاج النبل الذي يعتلى رأس المرء .
الهوية المغربية هي النموذج التربوي المطبوع بالحشمة و الحياء و بالغيرة على الاسرة و السمعة و حتى على القبيلة و الحي والمدينة او الدوار و بتقديس الشرف و رفع مكانة الام و الاخت و البنت و الزوجة …
الهوية المغربية هي ان تكون المرأة ملكة بيتها و اميرة زوجها ولؤلؤة والديها، يستشار في تزويجها و تتمهل الاسر في تشويرها عاما و ينيف … و هي ان يكون زوجها سلطان بيته وحامي عرضه و القائم على كل حاجة يحتاجها افراد اسرته الكبيرة، يسهر على عجائزهم و على صغارهم، لا يكسر و لا يكشر و لا ينطق امام والديه بما يغيظهم و لا يتأفف و لا يسخط و لا يتخط، يحسن بالاحسان و يأتمر بأمر للقران.
أما أن تنتهي الهوية المغربية الى هاوية اللباس المقتبس لدرجة الاشتباه في الجنس و النوع و ان تذوب الهوية في سلوكيات التمظهر بما يخلق اللبس بين الجنسين، من اصباغ و تصفيفات الشعر و إلصاق و التصاق، و في طرق الحديث و اساليب التعبير المكونة في غالبها من عبارات نابية اصبحت لازمة في البيت والشارع، و في انساق الاستهلاك بلا حياء للمشروع الحداثي الذي يفرض الاقتياد بشروط انتفاء الدين و الانقياد في سبل التقليد و التمطيط و الابتذال في الحياة العامة و بداخل البيوت.
الهوية المغربية، حزام امان لم يكن يسمح للأبناء بإرسال الآباء والامهات الى بيوت العجزة و لم يكن يسمح بمقاضاة افراد الاسرة و بانكار الاخوة و قطع صلة الرحم.. مثلما نرى اليوم حيث يفرق الارث ما جمع الدم.
الهوية المغربية هي التحصن بالدين و الايمان بالمسلم به عند المسلمين و مخافة و مهابة الله عز و جل و طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ،،و هي ان يحسن البعض للبعض و تخرج الزكاة و يكفل اليتيم و يسد رمق الجائع و يكسى ذي الاسمال ويتصدق المتصدق و يصدق المتحدث و يسعى الى الآجر والثواب و الحسن و الاحسان و الحسنات.
الهوية المغربية هي الا يشعر الطفل بالنقص و لا بالاذى و ان يلقن لغته و دينه و تاريخ بلاده و يعرف ان مجده من مجدهم وانه فرع من شجرة ضربت عروقها في اعمق مراحل التاريخ وازهرت و اثمرت ….و انها حتى و إن في خريف تعرت ….فان موعد ربيعها عليه تعول.