العدول
في إطار تنظيم مهنة التوثيق وتحديد المسؤوليات المرتبطة بها، تحظى القنصليات المغربية بالخارج بدور مهم في تقديم الخدمات القانونية والإدارية للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. ومن بين هذه الخدمات الحيوية، يأتي دور العدول والموثقين، الذين تقع على عاتقهم مهام توثيق العقود، التصديقات، والإشهادات القانونية، بما يضمن حماية الحقوق والمصالح القانونية للمواطنين المغاربة.
المسؤولون عن التوثيق والعدول في القنصليات المغربية بالخارج يأتي أولا القناصل العامون، القناصل العامون للمملكة المغربية يلعبون دورًا جوهريًا في تحمل مسؤولية مهام التوثيق داخل نطاق القنصلية. وفقا للقوانين المغربية، يتم منح القناصل الصلاحيات الضرورية لتوثيق العقود، التصديق على الوثائق، وتقديم الإشهادات القانونية للمغاربة المقيمين بالخارج، خصوصاً في البلدان التي لا يوجد فيها عدول أو موثقين مستقلين، ثم الموظفون القنصليون المكلفون بالتوثيق: يتم تعيين موظفين متخصصين داخل القنصليات من قبل وزارة الخارجية المغربية لتولي المهام التوثيقية. هؤلاء الموظفون يمتلكون صلاحيات محددة لتوثيق العقود والمعاملات القانونية الأخرى وفقاً للقوانين المعمول بها. يضمنون كذلك تطبيق القوانين المغربية المتعلقة بالأحوال الشخصية والمعاملات العقارية والميراث، في إطار ما يسمح به القانون المحلي للدولة المضيفة.
والعدول مكلفون بصفة رسمية: في بعض الحالات، قد يتم تعيين عدول رسميين من المغرب ليعملوا بشكل مباشر ضمن القنصليات المغربية في الخارج، وذلك لضمان تقديم الخدمات العدلية والقانونية التي تتطلب خبرة متخصصة في الشريعة الإسلامية والقوانين المغربية. هؤلاء العدول يعينون عادة من طرف وزارة العدل المغربية بالتنسيق مع وزارة الخارجية.
وكذا موثقون معتمدون: وزارة الخارجية المغربية، بالتعاون مع وزارة العدل، قد تعتمد على موثقين معتمدين في بعض الدول لتقديم خدمات التوثيق وفقًا للقوانين المغربية والدولية. هؤلاء الموثقون يتمتعون بصفة قانونية تسمح لهم بتوثيق العقود والوثائق الرسمية للمغاربة المقيمين بالخارج، بما في ذلك عقود الزواج، التصرفات العقارية، والوكالات القانونية.
يتحمل القناصل والعدول والموثقون المسؤولية الكاملة عن صحة الوثائق التي يوثقونها. ويتعين عليهم التحقق من أن جميع الشروط القانونية متوفرة في الأطراف المتعاقدة، وضمان مطابقة الإجراءات المتبعة للقوانين المغربية، بالإضافة إلى التأكد من أن الوثائق المحررة يمكن تنفيذها في المغرب.
باختصار، يضطلع العدول والموثقون بالقنصليات المغربية بالخارج بدور أساسي في الحفاظ على حقوق المغاربة المقيمين في الخارج، ويشمل ذلك كل من القناصل والموظفين القنصليين المتخصصين وعدول وموثقين معينين بصفة رسمية. يتم تنظيم هذه المهام بشكل دقيق من قبل وزارة الخارجية ووزارة العدل لضمان تطبيق القوانين المغربية بشكل صحيح ودقيق.
في القنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة، يعاني العديد من أفراد الجالية المغربية من مشكلات تتعلق بإجراءات التوثيق وتصحيح الإمضاءات، ويبرز في هذا السياق موظف يحمل صفة نائب القنصل كان مسؤولاً عن قسم تصحيح الإمضاءات. هذا الموظف، الذي كانت تطلعاته ترتكز على الانتقال إلى قسم التوثيق، أثار استياء واسعًا بين أفراد الجالية نظرًا لما عانوه من بطء في المعاملات والتأخير في إنهاء الإجراءات.
رغم أن الموظف ظل يطمح لفترة طويلة في الانتقال إلى قسم التوثيق، إلا أن طلبه لم يُستجب له إلا بعد مرور قرابة السنتين. وبعد انتهاء العطلة الصيفية، تم نقله إلى القسم الذي كان يرغب فيه، قسم التوثيق، الذي يتعامل بشكل رئيسي مع العقود ومختلف الإجراءات العدلية.
لكن هذه الخطوة كانت لها عواقب وخيمة على مصلحة العدول والمواطنين المغاربة في برشلونة. حيث بدأت تتزايد الشكاوى من رفض مجموعة من الطلبات التي تتعلق بتصديق الوثائق. أحد أبرز المشكلات التي ظهرت هو رفض الموظف الموافقة على مواعيد تتضمن أكثر من إجراء بالقنصلية في نفس اليوم، مما يجبر المواطنين على العودة مرات عدة لإكمال إجراءاتهم. هذا الوضع يتسبب في معاناة إضافية للمواطنين، سواء من حيث الوقت أو التكلفة، خاصة وأن الحصول على موعد أصبح صعبًا ويتطلب أحيانًا اللجوء إلى مكاتب مختصة تساعد في تأمين المواعيد.
السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: كيف يمكن تعيين موظف في قسم حيوي كقسم التوثيق، وهو معروف بمحدودية قدراته في التواصل وخدمة المواطنين؟ وكيف تم هذا الانتقال دون أن تكون هناك متابعة أو رقابة من القنصل العام الذي يبدو أنه غير مطلع بشكل كافٍ على الأوضاع الداخلية للقنصلية؟ خاصة أن مسألة المواعيد للمصادقة على الوثائق أصبحت تستغرق أكثر من أسبوعين، مما يضيف عبئًا كبيرًا على المواطنين الذين يتوجب عليهم التعامل مع نظام بيروقراطي معقد وصعوبات متزايدة.
هذا الوضع يبرز الحاجة إلى مراجعة آليات تعيين الموظفين داخل القنصليات وإعادة النظر في كيفية تسييرها وضمان توفير خدمات أكثر فعالية وسلاسة للجالية المغربية.