سياسة

بين النقاش الصحي وتشويه النوايا: الجدل حول تصويت المستشار خالد أورحو

 

تعيش مدينة الخميسات أوضاعًا تنموية صعبة، حيث تعاني من التهميش، وضعف البنية التحتية، وغياب مشاريع تنموية حقيقية تعيد الأمل لسكانها. وسط هذا الواقع، تبرز بين الفينة والأخرى نقاشات حول اختيارات المسؤولين المحليين، لكنها للأسف لا تخلو من التشكيك والتأويلات المغرضة، بدلًا من أن تكون نقاشات قائمة على الحجج الموضوعية والمصلحة العامة.

أحدث مثال على هذا الأمر هو الجدل الدائر حول تصويت المستشار خالد أورحو على إصلاح منتزه “ثلاثة مارس” بدلًا من التصويت على مقترح إصلاح بعض الطرقات. قرار يبدو في ظاهره مجرد اختيار تدبيري داخل المجلس الجماعي، لكنه تحول إلى محور اتهامات وتشكيك، حيث ذهب البعض إلى حد إلصاق تهم غير مباشرة بالمستشار، والتلميح إلى تلقيه إتاوات، دون أي دليل واضح.

المبدأ الأساسي في أي ديمقراطية محلية سليمة هو النقاش الحر والبناء، حيث يمكن لكل طرف تقديم مبرراته وتصوراته، مع احترام اختلاف وجهات النظر. لكن ما يحدث في الخميسات – كما في العديد من المدن المغربية – هو أن النقاش غالبًا ما ينحرف إلى التشكيك في النوايا بدلًا من مناقشة جوهر القرارات.

لماذا لا يتم تفنيد رأي المستشار خالد أورحو بالحجج؟ لماذا لا يقدم المعترضون أدلة تؤكد أن إصلاح الطرقات أكثر أولوية من إصلاح المنتزه بدلًا من اللجوء إلى الاتهامات المجانية؟ إن إصلاح المنتزه قد يكون خيارًا ذا أهمية لخلق فضاء عام يليق بالسكان، تمامًا كما أن إصلاح الطرقات يعد مطلبًا مشروعًا، لكن المقارنة بينهما يجب أن تكون عقلانية وواقعية، وليس عبر التشهير والتشكيك.

مدينة الخميسات تحتاج إلى مشاريع تنموية حقيقية تعيد لها الاعتبار، فالوضع الحالي لا يحتمل المزيد من الصراعات السياسية العقيمة التي لا تخدم سوى تعطيل عجلة التنمية. الجميع يتفق على أن المدينة تعاني من ضعف البنية التحتية، وغياب الاستثمارات، وتدني جودة الخدمات الأساسية، لكن بدلًا من توحيد الجهود للبحث عن حلول، نجد أن الطاقات تُستنزف في صراعات شخصية حول اختيارات تدبيرية يمكن مناقشتها بهدوء وعقلانية.

إن ما يتعرض له المستشار خالد أورحو اليوم، لمجرد أنه اختار التصويت على مشروع بدل آخر، قد يتعرض له غدًا أي فاعل جمعوي أو إعلامي أو سياسي لا يسير مع التيار. فهل أصبح التعبير عن الرأي جريمة؟ وهل أصبحت الخميسات مدينة لا تقبل الاختلاف في وجهات النظر؟

إذا كنا نطمح إلى مدينة أفضل، فعلينا أن نبدأ بإرساء ثقافة الحوار والنقاش المسؤول، بعيدًا عن التخوين وشيطنة الآخر. من يريد معارضة قرار المستشار خالد أورحو، فليقدم أدلته، وليناقش الموضوع بمنطق المصلحة العامة، وليس بمنطق تصفية الحسابات.

مدينة الخميسات تحتاج إلى حلول عملية، ورؤى واضحة، وأفكار خلاقة، وليس إلى مزيد من الجدل العقيم الذي يساهم فقط في تكريس الواقع المتدهور. التنمية مسؤولية الجميع، وأي محاولة لعرقلة العمل الجاد – بأي شكل كان – لن تخدم سوى استمرار الوضع الحالي الذي لا يرضي أحدًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى