سياسة

من له مصلحة في زرع الخوف من توسيع هامش الديمقراطية بالمغرب؟

أحمد العمري – جهة برشلونة.

تُعد الديمقراطية واحدة من أبرز الأسس التي تُبنى عليها الدول الحديثة والمتقدمة. إذ يتجلى تقدم الدول في تعدد الآراء والمواقف، وتعزيز حرية التعبير في فضاء ديمقراطي يضمن للجميع حق المشاركة في الحياة العامة. لكن في المغرب، كما هو الحال في العديد من الدول، هناك أطرافٌ تسعى لزرع الخوف من خطورة توسيع هامش الديمقراطية. فما هي مصلحة هذه الأطراف، وما الذي يدفعها لذلك؟

النخب السياسية والاقتصادية تعتبر من أبرز الجهات التي قد تكون لها مصلحة في عرقلة توسيع الديمقراطية. هذه الفئة، التي تسيطر على مواقع النفوذ والسلطة، ترى في توسيع نطاق المشاركة السياسية تهديدًا لمصالحها المادية والسلطوية. ففتح المجال أمام قوى جديدة، سواءً كانت أحزابًا سياسية معارضة أو حركات اجتماعية، قد يؤدي إلى فقدان هذه النخب لجزء من هيمنتها.

من خلال زرع الخوف والترويج لفكرة أن توسيع هامش الديمقراطية قد يؤدي إلى الفوضى أو زعزعة الاستقرار السياسي، تسعى هذه النخب إلى الحفاظ على مواقعها وضمان استمرار النظام الذي يحقق لها مصالحها.

هناك أيضًا جهات داخل السلطة ترى أن توسيع الديمقراطية يمثل خطرًا على الاستقرار السياسي والاجتماعي. هذه الجهات تعتقد أن أي تغيير جذري أو توسيع لحقوق المواطنين في المشاركة السياسية قد يؤدي إلى اضطرابات، خاصة في ظل التوترات الاجتماعية والاقتصادية. وترى هذه الفئة أن النظام الحالي يضمن استقرارًا نسبيًا لا يجب المخاطرة به.

الإعلام يلعب دورًا هامًا في تشكيل الرأي العام، ويمكن أن يكون أحد الأدوات التي تستخدمها النخب السياسية والاقتصادية لترويج مخاوف حول توسيع هامش الديمقراطية. من خلال تقديم صورة مشوهة عن الديمقراطية، وتصوير الأنظمة الأكثر ديمقراطية على أنها أنظمة غير مستقرة أو فاشلة، يمكن لهذا الإعلام الموجه أن يعزز من شعور الخوف والقلق لدى المواطنين.

قد تكون هناك أطراف خارجية لا تجد مصلحتها في وجود ديمقراطية قوية وناجحة في المغرب. دول أو أنظمة تسعى للحفاظ على نوع من الهيمنة أو التأثير الإقليمي، قد تعمل على تغذية المخاوف من الديمقراطية من خلال دعم الأنظمة القائمة أو من خلال تمويل حملات إعلامية تهدف إلى تشويه مفهوم الديمقراطية وتقديمها على أنها تهديد.

في المقابل، نجد أن المجتمع المدني والحركات الحقوقية تسعى جاهدين لكسر هذا الخوف وتعزيز ثقافة الديمقراطية والحوار الحر. هذه الأطراف ترى أن توسيع هامش الديمقراطية لا يمثل خطرًا، بل هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.

في المغرب، كما في أي دولة أخرى، هناك أطراف ترى في الديمقراطية فرصة، وأخرى ترى فيها تهديدًا. هذه الأطراف التي تعمل على زرع الخوف من توسيع هامش الديمقراطية، إنما تسعى للحفاظ على مصالحها الضيقة على حساب المصلحة العامة. لكن التجارب التاريخية أثبتت أن تقدم الدول لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال فتح المجال أمام الجميع للمشاركة في صنع القرار، وضمان حرية التعبير وتعدد الآراء في فضاء ديمقراطي حقيقي.

النمو والازدهار يأتيان من خلال الحوار والمشاركة، وليس من خلال القمع والخوف.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى