مصر فى عيون أبناء المغرب العربى.

أحمد نبيل مودى/ مصرى مقيم فى اسبانيا. لماذا يعشقها البعض و ينتقدها بشدة اخرون داخل نفس الوطن؟ تلخيص لبعض الحقائق والأسباب واقتراحات لبعض حلول التقارب. لاشك فى أن هى مصر كأكبر دولة عربية تمتلك مكانة خاصة فى قلوب العرب سواء بالحب الشديد أو حتى بالانتقاد الشديد وذلك لما لها من تأثير ايجابى أو سلبى أحيانا على الكثير من الأحداث و ومصدر للالهام وربما الاحباط لكثير من أبناء الوطن العربى الكبير. فى هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على رؤية مصر بعيون أشقائها تحديدا من شعوب دول شمال أفريقيا فى تونس والجزائر والمغرب .. كيف يرونها, ماذا ينتظرون منها وأين تكمن أسباب الانتقاد الشديد لها أحيانا. ملحوظة: هذا المقال هو نتاج تجارب وقراءات شخصية لى وليست دراسة علمية. مصر الدولة الملهمة, لماذا؟ الفن والأدب المصرى. لاشك أن مصر الشقيقة الكبرى للعرب تلعب دورا رئيسيا ومؤثرا فى قلوب أبناء الوطن العربى كان ايجابيا أو سلبيا, من اهم أسباب التأثير الكبير لمصر فى الوطن العربى من وجهة نظرى هو الفن والأدب المصرى وخصوصا الانتاج السينمائى والدرامى الضخم وانتشاره عربيا منذ منتصف القرن الماضى التى عرفت الكثير من أبناء الوطن الكبير عن طبيعة الشعب المصرى بلهجته وعاداته, , همومه و مشاكله, أهم المدن والقرى والأحياء المصرية وأيضا التفاوت الكبير بين فقراء مصر وأغنيائها وهى فى معظمهما مشاكل يتقاسمها جميع سكان الشمال الأقريقى ولذلك أصبحت تعبر عن سكان الشمال الأفريقى بروح مصرية وأيضا لاننسى دور الكثير من الكتاب والأدباء فى التفاف ابناء الشمال الأفريقى وارتباطه بالكتابات والأفكار المصرية فى مراحل النضال السياسى وحركات التحرر. https://youtu.be/2fWsxBhtJjw سياسة التحرير المصرية متلخصة فى كاريزما عبد الناصر. سواء اختلفنا أو اتفقنا مع سياسات عبد الناصر فى الداخل المصرى الا أنه ايضا على الصعيد العربى كان من أهم شخصيات القرن الماضى الملهمة لحركات التحرر العربى من الاستعمار واستنهاض الكبرياء العربى فى الوقوف فى وجه اسرائيل والحروب المتعددة التى قامت بها مصر ضد الكيان الصهيونى, هذه الأسباب جعلت من عبدالناصر قائد عربى ملهم توج مصر كقائدة للتحرر وايضا الأمل فى تحرير فلسطين فى ذلك الزمن. الأزهر ونشر الاسلام الوسطى. هذه ايضا من أسباب ارتباط الكثير من اشقائنا عرب شمال أفريقيا بمصر حيث كان الأزهر فى القرون الماضية يقود العالم الاسلامى دينيا وفكريا وقبلة لعلوم الدين قبل الغزو السلفى الوهابى.   ولكن لماذا يخفت الضوء المصرى فى الشمال الأفريقى مؤخرا؟ مصر ما بعد كامب ديفيد لم تعد مصر ملهمة العروبة. أحد أهم أسباب تراجع سمعة مصر ودورها فى شمال افريقيا هو توقيع اتفاقية كامب ديفيد حيث انتقلت مصر فى عيونهم من مربع قائد العرب المحرر الى خانة الدولة االمتخاذلة عربيا عن القيام بدروها المنتظر وتخليها عن المسؤولية من وجهة نظر البعض, ورغم أنها قضية تستحق الكثير من الدراسة والاستماع للارادة السياسية المصرية فى ذلك الوقت من تبريرات عدم تكافؤ القوى العسكرى بين مصر بالدعم العربى الروسى فى مواجهة اسرائيل بالدعم الامريكى كولاية أمريكية فى الشرق الأوسط وانهاك مصر فى أربع حروب متتالية فى أقل من ٣٠ سنة وفقرها الاقتصادى الا أن هذا لم يكن كافيا للحفاظ على شخصية مصر وتأثيرها فى نظر الكثير من الأشقاء. مبارك والمزيد من الانكماش فى الدور العربى لمصر.  لاشك أن سياسة مبارك فى ٣٠ عاما أدت الى تراجع كبير للدور المصرى عربيا لصالح السعودية بالتخلى عن لعب الدور المهم فى الشرق الاوسط والصراع العربى الاسرائيلى وسياسة الانبطاح التام مقابل المساعدات الامريكية والغربية والتخلى عن دعم فلسطين قد سبب استيائا كبيرا لشعوبنا فى شمال أفريقيا وقد تحول الاستياء لغضب بل وكره أحيانا لكل ماهو مصرى تحديدا فى عام ٢٠٠٨ والعدوان الاسرائيلى الغاشم على غزة حيث أحكم مبارك قبضته فى حصار غزة بمنع دخول المساعدات أو السماح بعبور الجرحى الى مصر للاسعاف وتبريره الأقبح من ذنبه بأن الحصار يرجع لاحترامه معاهدات غربية, كانت تلك المرحلة قشة كادت ان تقسم ظهر الجمل بالنظر الي مصر كداعمة للعدو الصهيونى ولم تعد مجرد متفرج محايد ولولا الوعى العربى بأن شعب مصر كان تحت القهر لما كان بمصر الاحتفاظ بما تبقى لنا من بعض ماء الوجه أمام الأشقاء. هل مصر بلد الراقصات؟ ربما قد يسمع المصرى هذا التعليق من الكثير من أشقائنا فى شمال أفريقيا خصوصا فى المناقشات التى ا تصل للمشادات فى حالات الاستفزاز على وسائل التواصل الاجتماعى مثلا بين شباب دول الشمال الأفريقى, وبالتأكيد ان كل مصرى لديه العديد من الردود المنطقية على طرح ظالم كهذا فهى بلد الأزهر والشعب ذو طابع الدين الوسطى والى اخره, ولكن ياترى ماسبب انتشار هذه الفكرة عن مصر رغم أن وجود الراقصات هى ظاهرة موجودة فى معظم دول شمال أفريقيا؟ قد يكون أهم الأسباب هو الدراما المصرية التي  لاتخلوا من راقصة فى أى عمل درامى مصرى وذلك بهدف اضافة الاثارة والعرض أو حتى الاغراء على بعض الأعمال الفنية لتحقيق أرباح ,مما عكس صورة مبالغ فيها عن انتشار هذه الظاهرة فى مصر. وثانيا وهو قد يكون السبب الأهم وهو أن مصر فى السنوات الأخيرة أصبحت دولة تلاحق وتعاقب المفكرين والعلماء المعارضين فى كل الاتجاهات الذين يختلفون مع الأنظمة الشمولية العسكرية فى مصر, وهم فى معظمهم أدباء ومفكرين لهم شعبية وتأثير فى الشمال الأفريقي فى الوقت الذى تظهر فيه أخبار التكريم والغنى الفاحش لبعض الراقصات المعروفين فى مصر وهو ماصدر احباط وغضب للمحيط العربى ودفع الى استخدام هذه المقولة كاشارة الى اهانة المثقفين والعلو بشأن الراقصات فى الأوساط المصرية. مصر واستعداء الاسلام السياسى. لاشك فى أى حالة العداوة الدائمة بين الأنظمة المصرية العسكرية المتعاقبة وبين تيارات الاسلام السياسى فى مصر كان لها تأثير سلبى كبير على الصورة المصرية خصوصا فى المغرب والجزائر حيث أن الاسلام السياسى له شعبية جارفة فى هذين البلدين وتعاطف كبير ومهما اختلفنا أو اتفقنا مع الاسلام السياسى المصرى أو طبيعة الصراع الا أن بالتأكيد حالة القمع الشديدة التى يتعرض لها هذا التيار تثير سخطا كبيرا بين جمهور البلدين باختلاف ايدولوجياتهم, وتجلى الغضب المغربى والجزائرى بشكل كبير فى العديد من الأعمال الفنية والأغانى بما فيها الراب وعلى وسائل التواصل اللاجتماعى مباشرة بعد حدوث الانقلاب العسكرى فى مصر ضد الرئيس السابق محمد مرسى. المصريون يصدرون ثقافتهم الى شمال أفريقيا ولايستوردون ثقافة الاخرين. هذه مشكلة مشتركة فى معظم الدول التى يكون لها تأثير كبير فى محيطها كالولايات المتحدة والصين وبريطانيا وعلى المستوى العربى مصر, حيث تكون من عادات مواطنين هذه الدول الاعتياد على أن الاخر يفهم لغته ويعرف ثقافته وبالتالى لايحاول التعرف على تفاصيل حياة الاخرين فالمصريين مثلا لايفهمون بشكل جيد اللهجات الشمال الأفريقية ولايفرقون حتى بين لهجات تونس والمغرب والجزائر رغم الاختلاف كبير بينهم, ولكن هناك ايضا تقصير شديد من دول وشعوب شمال أفريقيا فى هذا الملف التى لاتحاول بشكل جدى الوصول الى الشارع المصرى والشرق الأوسط عن طريق الدراما والفن والترويج السياحى على سبيل المثال.   لماذا لايتقبل المصريون النقد بصدر رحب؟ وهذه من أحد عيوب المصريين والجزائرين بشكل خاص حيث أنه هذين الشعبين تحديدا معروفون بانتقادهم الشديد والعنيف لأنفسهم ولحكوماتهم ذاتيا الا أنهم شديدا الحساسية عندما يتعرضون للنقد من مواطني دول شقيقة ويتعاملون معها على أنها اهانة. فى الحالة المصرية ومنذ نعومة أظافر الأطفال فى المدارس المصرية وتعلم الحضارة الفرعونية يبدأ المصريون فى تعلم الكبرياء المصرى والتفوق الحضارى التاريخى على مستوى الأمم ويبدأ بأخذ جرعات وطنية مبالغ فيها تصل لدرجة أن يعلموا كل مواطن أنه يمثل بلده وأنه يجب أن يظهر أجمل مافيها فيبتعد المصرى  عن الحياد عندما يتناقش مع الاخرين عن بلده ولايتقبل بسهولة النقد باعتباره اهانة, على عكس الأشقاء فى تونس والمغرب )ماعدا انتقاد الملك فى الحالة المغربية( لديهم اتساع صدر أكثر لمناقشة مشاكل بلادهم مع الاخرين والتحدث بحيادية وموضوعية أكثر من التعصب المصرى والجزائرى فى حالة الانتقاد. مصر كبيرة العرب ولكن هل تتعامل كالكبير؟ لاشك فى أن ماذكرناه من حجم التأثير المصرى فى المحيط العربى بفضل الدراما وقيادة التحرر ومحاولات استعادة فلسطين فى العهد الناصرى وغيرها من الأسباب قد وضعت مصر فى مكانة خاصة فى قلوب العرب ,ولكن يبقى السؤال كيف تتعامل مصر حاليا مع هذه المكانة, أو هل تتعامل مصر تعامل الكبير مع الأشقاء؟ لنجب عن هذا السؤال دعنا نفكر كيف يجب أن يكون تعامل الدول الكبيرة فى محيطها؟ من تجارب الدول الكبيرة عالميا ذات التأثير مثل الولايات المتحدة وبريطانيا مثلا, فأن هذه الدول تقوم باحتضان فعاليات دائمة على أراضيها ذات سيط متميز وتقوم اعلاميا بتكريم وتسليط الضوء على الانجازات الفردية والوطنية للدول الأصغر مما يسبب الفخر لأبناء هذه الدول المحيطة بها ويزيد من من التأثير الايجابى للدولة الكبرى راعية المسابقات والأحداث, الا أن مصر قد وقعت فى أخطاء جسيمة فى هذه المجال اعتمادا على فكرة الفخر, فالاعتقاد المصرى مبنى على أن مصر تبقى كبيرة العرب بأن تكون المتفوقة فى كل المجالات على محيطها العربى ويؤدى هذا أحيانا الى تضخيم الانجاز المصرى وتقليل انجاز الاخرين للحفاظ على الريادة. مما يؤدى الى زيادة الانشقاق بين مصر ومحيطها فكان الأولى بمصر أن تكون الحاضنة للفعاليات والمهرجانات والمسابقات العربية والأفريقية وأن تبرز انجازات الاخرين وتكريمهم بتسليط الضوء على  الشمال الإفريقي ولكن اختزال مكانة كبير العرب فى أهمية الحصول على المركز الأول دائما يأتى بالتفرقة والتشاحن أكثر من أن يجعل مصر هى الحضن العربى كما كانت فى الماضى. وقد بدأ يسرق هذا الدور عربيا كلا من الامارات وقطر اللتان تلعبان دور حاضنة المسابقات والمنافسات العربية بشكل حيادى وتكريم الاخرين.   ماذا نستطيع أن نفعل لخلق مزيد من التقارب بين سكان شمال أفريقيا؟ حتى يكون مقالا ايجابيا يقترح بعض الحلول للتقارب والاندماج بين دول شمال أفريقيا فاننى اقترح بعض الأفكار يجب أن تكون مصر حاضنة للعرب بشكل أكبر بالتركيز على استضافة الأحداث والمسابقات و الأنشطة مع ملاحظة أن مهمة التفوق المصرى هى مسئولية المشاركين فى المسابقات ونجاح مصر كدولة يكون بنجاح التنظيم وشعبيته وليس بالفوز. انشاء قناة مصر شمال أفريقيا ويكون دورها التواجد فى الدول الشقيقة لتعريف الشعب المصرى بتفاصيل حياة هذه الشعوب أحلامهم والاماهم ثقافتهم وحضارتهم وأيضا الزيارات الاعلامية للمدن والقرى الشمال أفريقية ومتابعة أهم الأحداث فى هذه الدول وأخبار كل جالية منهم داخل باقى دول الشمال. رفع قيود حرية السفر والسياحة والتجارة وربط شبكات المواصلات هى مهمة جميع دول شمال افريقيا لتقريب المسافات وزيادة السياحة والتجارة والتبادل الثقافى بين هذه الشعوب يجب على دول الشمال الأفريقى الأخذ بجدية أهمية نشر ثقافتهم دخل مصر والشرق الأوسط بتصدير الدراما المغاربية حتى ولو بدأت بترجمة مكتوبة ليتعود الشعب المصرى على سماع وفهم هذه اللهجات المتنوعة الترويج السياحى وجذب الاستثمار لدول الشمال الأفريقى داخل مصر هام جدا لزيادة التأثير الايجابى لهذه الدول ودعوة المصريين للزيارة والسياحة الى هذه الدول حتى وان تطلب الأمر الترويج السياحى عن طريق فنانين مصريين ويكون الترويج على القنوات والمنصات الاعلامية المصرية. اذا هى هموم لها أسباب ولها أيضا حلول ان أرادت الدول والشعوب الشمال أفريقية بجدية تعزيز التعاون والتكافل بينهم.  ]]>

اترك تعليقا