إعتماد بعض القنصليات على أفراد لا يحملون أي صفة رسمية أو تمثيلية، يؤدي إلى تشويه صورة الجالية.
أحمد العمري/ برشلونة.
تواجه القنصليات المغربية في الخارج العديد من التحديات، منها الحاجة إلى إقامة روابط فعّالة مع الجالية المغربية المحلية. ومع ذلك، تظهر أحيانًا ممارسات تثير الجدل حول اختيار الأشخاص الذين يتم تقريبهم من القناصلة، خاصة عندما لا يتمتع هؤلاء الأفراد بأي صفة جمعوية، سياسية، نقابية، أو سجل شخصي ناجح سواء كمهنيين أو كطلبة. هذه الممارسات تثير تساؤلات حول المعايير المستخدمة في اختيار هؤلاء الأفراد وأثرها على تمثيل الجالية المغربية.
في كتالونيا، على سبيل المثال، تُثار شكوك حول تعامل القنصلية العامة للمملكة المغربية ببرشلونة مع بعض الأفراد الذين ليس لهم سجل يبرز إنجازاتهم أو مشاركتهم الفعالة في المجتمع. يتسم هؤلاء الأفراد أحيانًا بعلاقات مشبوهة أو بماضٍ غير واضح، ويستفيدون من قربهم من أصحاب القرار في القنصلية لتعزيز مكانتهم الاجتماعية.
إن إشراك أشخاص بدون صفات تمثيلية واضحة في اللقاءات الرسمية يضر بمصداقية القنصلية وقدرتها على تمثيل مصالح الجالية المغربية بشكل نزيه. كما أنه يؤدي إلى تلميع صورة هؤلاء الأفراد على حساب الشخصيات الفاعلة والمستحقة، مما يضعف الثقة في المؤسسات المغربية ويفتح الباب أمام استغلال العلاقات لتحقيق مكاسب شخصية.
لضمان مصداقية العمل القنصلي، ينبغي للقنصليات أن تتبع معايير واضحة وشفافة في اختيار الأشخاص الذين يمثلون الجالية في اللقاءات الرسمية، إذ يجب أن يعتمد الاختيار على معايير موضوعية، مثل المساهمة الفعالة في المجتمع، الإنتماء وصفة داخل إطار مدني أو ديني او سياسي أو نقابي، أو التاريخ المهني أو الأكاديمي الناجح، والقدرة على تمثيل مصالح الجالية بشكل مناسب.
كما أنه من اجل إعطاء المجتمع المدني المكانة التي يجب ان تعطى له، وجب على التمثيليات الدبلوماسية قطع علاقاتها مع كل من لا يحمل أي صفة مدنية أو سياسية أو نقابية أو تحديد معايير واضحة للتمثيل، يجب أن تكون هناك معايير معلنة وشفافة لاختيار الأشخاص الذين يتم تقريبهم من القناصلة.
على القنصليات التفكير في كيفية تعاملها مع الفاعلين المحليين والمتواجدين ضمن تلك الجاليات. بدلًا من حصر التعامل مع أفراد غير مؤهلين ولا يتمتعون بأي صفة تمثيلية واضحة، ينبغي للقنصليات أن تبني علاقات متينة مع ممثلي الجمعيات المدنية والدينية، والفعاليات السياسية والثقافية، بالإضافة إلى الطلبة والكفاءات.
تلعب الفعاليات السياسية والثقافية دورًا حيويًا في الحفاظ على الهوية الوطنية وتقديم صورة إيجابية عن الوطن الأم. فهي تساهم في تنشيط الحياة العامة للجاليات وتربطهم بالوطن الأم ثقافيًا وسياسيًا. التعامل مع هذه الفعاليات بشكل مباشر يساهم في تعزيز الروابط مع الجالية ويُظهر أن القنصلية تعمل من أجل مصلحة الجميع، وليس فقط من خلال أشخاص محددين قد لا يعبرون عن التنوع والتعدد في الجالية.
يجب الإنفتاح على الطلبة والكفاءات لأنهم يمثلون مستقبل الجاليات، ولديهم الإمكانيات ليكونوا جسورًا للتواصل بين الوطن الأم والدولة المضيفة. هؤلاء الأفراد بحاجة إلى الدعم والتوجيه، ليس فقط من الناحية الأكاديمية أو المهنية، ولكن أيضًا من خلال تسهيل عمليات الاندماج والمشاركة في المجتمع المحلي. القنصليات التي تتعامل مع الطلبة والكفاءات بشكل مباشر يمكنها أن تؤسس لشراكات طويلة الأمد تسهم في تعزيز التمثيل الدبلوماسي والاقتصادي للدولة في المستقبل.
في بعض الحالات، تعتمد بعض القنصليات على أفراد قد لا يحملون أي صفة رسمية أو تمثيلية، مما يؤدي إلى تشويه صورة الجالية خاصة إذا تورط أحدهم في عمل أو علاقة مشبوهة، وربما يتصرفون بناءً على مصالح شخصية ضيقة. هذا النوع من التعامل قد يخلق انقسامات داخل الجالية ويعزز مناخًا من الشك وعدم الثقة بين القنصلية والمجتمع المحلي. لذلك، من الضروري أن تعيد القنصليات تقييم سياستها في اختيار الأفراد الذين تتعاون معهم، وأن تعتمد على قنوات مؤسسية وجماعية تضمن تمثيلًا شفافًا وفعّالًا.
إن تعامل القنصليات مع ممثلي الجمعيات المدنية والدينية، والفعاليات السياسية والثقافية، والطلبة والكفاءات يمثل خطوة نحو تعزيز الشفافية والتواصل الفعّال مع الجاليات. هذا النهج يسهم في بناء علاقة قائمة على الثقة المتبادلة، ويعزز من صورة القنصلية كمؤسسة تعمل لخدمة الجميع. على القنصليات أن تكون جسورًا تربط الوطن الأم بجاليته، عبر اعتماد شراكات حقيقية مع الفاعلين الحقيقيين والمؤسسات المعترف بها.