الشباب الفرنسي يسائل الاستراتيجيات الامنية لساسته في ظل المواجهة المحتملة بين اليمين المتطرف واسلمة التطرف الدينى . 

الحسين فاتش.

 العاصمة الفرنسية باريس التى كانت في ستينيات القرن العشرين قبلة للمناضلين ومثقفي ونشطاء حركات التحرر وحتى مقاتليها المنفيين الذين توافدوا إليها من شتى أنحاء العالم…

 باريس التى ظلت على مر الازمنة والعصور مخزنا للمبدعين والرواد والمخترعين والعلماء والحكماء والقياديين والمؤثرين…..اصبح راهنها مثارا لمشاعر الاسي والرثاء لمن يزورها اليوم، وينفذ الى عمق ماتكتمه لياليها الشتوية الباردة ؛وازقة احياء ضواحيها الغارقة في التهميش من اسرار ، بعد ان اصبح الكثيرمنها أشبه بأحزمة اسمنتية تخفي وراءها صور الحرمان والفقر والتخلف الذي يصدم المرء من وجوده في عاصمة الانوار وفي قلب القرن الحادي والعشرين، والذي يتفقد الاحياء التى تضم تجمعات كبيرة للمهاجرين الغير النظاميين القادمين من كل بقاع العالم والذين لم يعد يخلو من تأثير هشاشة اوضاعهم المادية والاجتماعية جانب من الفضاء العام ،بارقى واجمل المعالم التى شكلت مجد عاصمة الانوار على مر العصور، كمتحف اللوفر وبرج ايفل…. يخال نفسه يتجول بقلب سوق من اسواق قرى افريقيا حيث تصدمه سلوكيات وحوادث وصور من الصعب على المرء ان يتصور حدوثها بقلب عاصمة الانوار كأن يتقاجأ بمشاهدة مواطن افريقي سكران حتى الثمالة يتبول بحديقة عمومية وعلى مرأى ومشهد من الجمهور ! (مشهد خادش للحياء عاينته شخصيا ) او تصادف مهاجرا اسيويا يركن عربته اليدوية بزاوية شارع مأهول يعرض القزبور والشيبة والنعناع …او تنبهر للكيفية التى تترجم عليها مقولة الحاجة ام الاختراع من طرف مواطنين افارقة في ابداع من ابداعاتهم لكسب قوت يومهم . في مشاهد تختزل الانشطارات التى جعلت غول اليمين المتطرف يفلت من عقاله ويهدد بكنس فرنسا من منكوبي مستعمراتها الافريقية .

من جهة اخرى تحول التطرف الإسلامي في فرنسا إلى صداع محلي مزمن، بعد موجة سلسبة الاعتداءات الارهابية التى هزت فرنسا في العقد الاخير خاصة حادث مقتل الاستاذ على يد ارهابى شيشانى الذى جعل فرنسا تستيقظ على وجود الآلاف من الفرنسيين الذين انخرطوا في تيارات إرهابية، أو يحملون أفكارا متطرفة على الأقل. تيقظ متأخر، يضع الفرنسيين اليوم أمام حتمية التوفيق بين تقليل الأضرار المترتبة عن التطرف الاسلامي ، وبين معالجة أسبابه..بعيدا عن مقاربة اليمين المتطرف الذى يرفع شعار اجتثاث الاسلام واستعادة فرنسا من يد “الارهابيين” .

الشباب الفرنسي الذى يجد نفسه اليوم بين كماشتى الاستغلال الرأسمالى المتوحش وبين مستقبل محفوف بكل المخاطر … اصبح مشروع الهجرة الى استراليا بالنسبة للكثير من كفاءاته وادمغته بمثابة الخلاص من صداع “فرنسا” التى اصبح كل هم ساستها رعاية مصالح الاثرياء وتنمية ثرواتهم و لم تعد بمثابة الوطن القادرعلى ضمان مستقبل أمن واعد مطمئن لكافة ابناءها كما عبرت لى عن ذلك واحدة من مجموعة زميلات ابنتى اللواتى حصلن مؤخرا على فيزا بعد ان قررن جميعهن ترك مناصبهن كاطر باحدى كبريات البنوك الباريسية وفضلن الهجرة الى استراليا .

اترك تعليقا