تداعيات موجة النزوح الاوكرانية على سوق الشغل باسبانيا.

الحسين فاتش.

 الحفاوة الزائدة عن اللزوم التى تستقبل بها السلطات الاسبانية افواج النازحين الاوكرانيين وما تخصهم به من افضلية لافتة في مجال تسريع وتبسيط مساطر تحصيل اوراق الاقامة والعمل وتوفير السكن والشغل والمساعدات الاجتماعية الخ… اثارت الكثير من التبرم ومن الانتقادات من طرف الفعاليات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدنى العاملة في مجال استقبال ومساعدة المهاجرين الغير النظاميين وطالبي اللجوء خاصة اولائك الذين يصلون الاراضى الاسبانية على متن القوارب انطلاقا من القارة الافريقية .

 السلطات والاحزاب الاسبانية ذات الايديولوجية اليمينية المتطرفة مثل حزب فوكس، لا تعتبر التدفق الجماعى للمهاجرين الاوكرانيين الذين يغادرون بلادهم “غزوا” لاراضى اسبانيا ، ولا تعتبرهم بمثابة الخطر المحدق بالمجتمع الاسبانى.وبسلمه الاهلى … لذلك لا تنتقد استقبالهم من قبل الحكومة بحفاوة بالغة ولا ترتفع اصوات زعماءه برفض دخولهم أوروبا لا من قبل مارين لوبين ولا اريك زمور ولا من هنا وهناك عبر القارة الاروبية كما حدث مع اللاجئين السوريين ، الاوكرانيون لا تنطبق عليهم ببلدان الاتحاد الاروبى نفس المعايير التي تتعامل بها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تحديد صفة اللاجئ، بل تتم معاملتهم كضيوف مرحب بهم.

 صحيح ان جزءأ من هذا الترحيب والحفاوة بالأوكرانيين يأتى نكاية في روسيا، وصحيح ايضا ان لدى اسبانيا جالية اوكرانية مهمة لديها صلات قرابة مع هؤلاء الأشخاص، الفارين من الحرب تستقبلهم بشكل لائق جداً وتوفر لهم كافة المتطلبات .

لكن المحرك “الخفي” لهذه المعاملة الخاصة هو كون أوكرانيا دولة كبيرة سواء من حيث المساحة أو عدد السكان الذي يبلغ 43 مليوناً ونصف المليون شخص، وهم قوى بشرية هائلة، ومعظم ارشيفات الاتحاد السوفياتى في مجال الطاقة النووية توجد محفوظة بمكتبات جامعات اوكرانيا وهناك “عقول” واخصاء اوكرانيون يراد جلبهم واستثمارهم ، وأغلب دول الاتحاد الاروبى مثل اسبانيا تعاني عجزاً ديموغرافياً وكانت في مسيس الحاجة الى ضخ دماء جديدة في جسد مجتمعها الشائخ فوجدت في هؤلاء الفارين البيض ضالتها المنشودة خاصة أنهم قدموا من ثقافة مماثلة لتلك السائدة في اسبانيا ولن تضطر اسبانيا لان تصرف الاموال على ادماجهم او تضطر حكومتها مع الاوكرانيين لان تتدخل من اجل تقنين استعراض الرموز الدينية كما هو الحال في مشكلة “الحجاب” المزمنة مع المهاجرين من اصول عربية اسلامية الذين يكونون عادة مصدر تخوفات من تغير أو تحول ثقافي . لذلك فالأوكرانيون الذين فروا من الحرب، مهما كثر عددهم سيتم استيعابهم في اسبانيا وبإمكانهم الاندماج في النسيج المجتمعي .

اذا كانت مصائب قوم عند قوم فوائد ؛فان الحرب التى يشنها بوتين على اوكرانيا جاءت بنقيض مغزى هذه المقولة العربية ، بالنسبة للالاف من المهاجرين الغير النظاميين المغاربة المتواجدون على الاراضى الاسبانية والذين ستتظافر عوامل سلبية لكل من الظرفية الحرجة التى يمر منها الاقتصاد الاسبانى (التضخم حوالى 10 بالمائة وارتفاع اسعار الطاقة وتداعيات جائحة كورونا + الحرب المشتعلة في اوكرانيا) الى جانب موجات نزوح اليد العاملة الاوكرانية التى سترجح كفة الطلب على كفة العرض وتساهم بذلك الاختلال في التقويض مما تبقى من حظوظ المهاجر المغربي الغير النظامى في الاندماح وفي ولوج سوق الشغل .

اترك تعليقا