صعود وهبوط جمعية ATIM

الحسين فاتش.

لم يصبح مصطلح “الاندماج” شائعا وحاضرا في خطاب الاعلام العمومى الاسباني، و مطلبا مطروحا ومتداولا بقوة في نقاشات المجتمع الاسبانى، حتى اللحظة التى اثبتت فيها الوقائع على الارض بالملموس عند نهاية الثمانينيات وبدايات تسعينيات القرن الماضى نتيجة التدفق الجماعي المضطرد والكثيف لامواج المهاجرين الواصلين من المغرب عبر القوارب الى ارض اسبانيا؛ان الهجرة اصبحت واقعا يفرض نفسه بنفسه؛ وان لا مفر من التعامل مع هذا الواقع الجديد بكل تشعباته؛ ومواجهته بكافة الاجراءات السياسية والقانونية الكفيلة بمعالجته .
وبما ان جمعيات المهاجرين المغاربة كانت شبه منعدمة في اسبانيا وقتذاك، نظرا لان نسيج الجالية المغربية في ذلك الحين؛ كان في معظمه يتشكل من فئة تجار متجولين، وعاملات وعمال زراعيين غير متعلمين في غالبيتهم العظمى؛ و يشتغلون في جني المحاصيل الزراعية او عاملات بالبيوت او عمال في قطاع البناء ، فقد ظهرت الحاجة الى قيادات مغربية مهاجرة تمتلك من الكفاءة والقدرة مايؤهلها لان تتولى تدبير مشروع الاندماج بتعاون مع النقابات المهنية الاسبانية ، من تسوية قانونية للاوضاع ، واحقاق للحقوق الاجتماعية، لفئات المهاجرين والاشراف على تدبير صرف الاعانات المالية والانسانية التى اصبحت تقدمها المؤسسات العمومية الاسبانية في اطار تصريف سياسة ادماج ومساعدة المهاجرين المغاربة باسبانيا .من هنا كانت الفرصة مواتية امام “مجموعة” الفعاليات المغربية (….) التى ستقتنص الفرصة لتشكيل جمعية ATIME على انقاض جمعية اخرى ذات طابع سياسي كانت تعنى بفضح انتهاكات سنوات الجمر والرصاص في المغرب، لتصبح ( جمعية العمال المهاجرين المغاربة باسبانيا ) همزة الوصل الرئيسية والمخاطب الرئيس لدى السلطات الاسبانية و التى شرعت بموجب وضعها الاعتبارى الجديد في تلقى جل المعونات المالية بسخاء من لدن المؤسسات العمومية الاسبانية والتصرف فيها تحت مسميات الاندماج وغير ذلك من المشاريع ذات الصبغة الاجتماعية الى ان اختفت جمعية ATIME وبذمة قياديها 620 الف يورو لفائدة وزارة العمل الاسبانية غير مبررة مجالات صرفها حسب ماورد في بحث الدكتور خافير فرنانديز.
اما بعد ….
أضحى العمل الجمعوي في مشهد مغاربة اسبانيا نتيجة سيطرة عقلية التجار و الجشع والركض خلف جني المنفعة المادية “الباردة” سببا في شيوع ظاهرة الاستنساخ والتفريخ، اصبح العمل الجمعوي في ظلها يجد نفسه وسط دوامة ينخر جسده المريض سرطان الفساد ، وهكذا أصبحت بعض الجمعيات جمعيات للفساد بامتياز باستثناءات قليلة جدا يمارس فيها المفسدون هوايتهم المعهودة للكسب الغير المشروع ، والنتيجة أننا أصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد يمكن تسميته بالفساد الجمعوي الحق كبير الضرر بمصداقية ونظافة يد المهاجر المغربي في عيون الجهات الرسمية والمجتمع الاسبانى ككل .
ظاهرة استنساخ وتفريخ الجمعيات يراد به تمييع المشهد الجمعوي باسبانيا وخلط الحابل بالنابل من أجل إفراغه من مضمونه وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة ، وبات تأسيس جمعية لدى البعض لايتطلب غير حضور مناسبة التهام قصعة كسكس ، فكم من جمعية اومن مجموعات جمعيات اصبحت مرادفا في نظر باطروناتها ممن يستثمرون في العمل الجمعوي مرادفا لفكرة الهولدينغ الشخصي … يتم تاسيسها غالبا بإيعاز من مسؤولين محسوبين على الجهات المعلومة لخدمة أهداف معينة قد يكون الغرض الأساسي من ذلك هو احتكار الدعم العمومي او تحويل الاموال العمومية الى جهات مجهولة وضرب الحصار بالمقابل على اية مبادرة جادة قد تثمر عن بلورة مشروع سياسي او جمعوي او نقابيى بالمهجر تتوفر فيه خصائص ومقومات الاشعاع و الاستقطاب مما قد يمكنه من اكتساح الساحة واكتساب المشروعية عبر دعم المد الجماهيرى الكاسح .

انتهى .

اترك تعليقا