عطلة الصغار بين الامس واليوم .

أ.ج.

تحضرنا بمناسبة عطلة الاطفال ذكريات كثيرة تخللت حياة الاجيال تلو الاجيال حول العطل المدرسية الصيفية،. فالحس التربوي الملتزم كان يقود الاباء الى انتهاج طرق كثيرة لتصريف زمن الشهور الثلاثة للعطلة الصيفية، فمنهم من كان يحرص على تسجيل أبنائه في برامج المخيمات، خصوصا الذكور حيث يتحرر الاطفال من قيود البيت و يلتزمون بقواعد العيش المشترك و العمل في اطار منظم و مختلف على تدبير المتعة و اللعب و حتى بعض واجبات الترتيب و النظافة وفق قواعد و قوانين اجتماعية مختلفة تماما عن سلوكيات الاسرة و عواطف الأمومة الحريصة و الحارسة،

و من الاباء من كان يتجشم متاعب السفر بالابناء الى “تمازيرت” و هو الموطن الاصلي حيث يترك في قرية او دشر بعيد و في منطقة نائية فلذات كبده يعيشون في كنف أسرته ظروف الحياة البدوية، منقطعين تماما عن اسباب الراحة المدنية من ماء يفتحون صنبوره او كهرباء و تلفاز و ثلاجة …الا من راديو وحده يربطهم بحضارة الامس و غالبا ما يحتكر زراره الجد و الأعمام …و يظل من محارم المقام التي لا تلمس ابدا ..و خلال هذه العطل تتحرك الالة الطابعة لثقافة الاسرة العشيرة و هوية اللغة و التقاليد، والعادات ..خيرها و شرها… فينهل الاطفال من الوسط الجديد القديم مقومات الثقافة المجتمعية بروافدها الدينية حيث يصبح الوضوء و الصلاة واجبات يومية يسهر الجد و الأعمام على مراقبة توقيتها و مدى احترام شروطها، ثم تنطلق من الصباح الباكر دروس الحياة و التأقلم الانساني مع الطبيعة في مظاهر الزراعة و الرعي و الحطب و جلب الماء و تخزين المؤونة و العناية بالنبات و الحيوان و اجتناب مخاطر العقارب و الثعابين، و التعايش مع الحشرات الاخرى و تحمل لسعاتها في كل اطراف الجسم الصغير…

من الاباء ايضا من يسارع الى تسليم ابنائه الذكور خصوصا الى اصحاب ورشات العمل اليدوي في مجالات الميكانيك و النجارة و اللحام و الخياطة و غيرها حرصا منهم على شغل وقت الابناء و تجنيبهم الخمول و المغامرة بالفراغ للذهاب الى ما يفسد الطبع و العقل او يجلب الخطر و الضياع، فكان الاباء يطلبون من المعلمين الشدة و الصرامة في تعليم أبنائهم الصنعة حتى ما اذا لم يتوفقوا في دراستهم ضمن لهم الميول الصحيح الى التكوين في مهنة شريفة ..

البنات بدورهن كن يتمرسن في دروس تطبيقية لدى معلمات مشهود لهن بالكفاءة و الصرامة في الخياطة النسائية و الطرز و حياكة الزرابي، و كن يستمتعن باوقات خدمتهن جميعا، يتحدثن طول النهار و يتقاسمن لحظات لا تنسى تتخللها مقاطع بعزفن فيها على اواني الشاي و يغنين اغاني الافراح، و يستمتعن بقصص المطربات و الاعراس، و كانت دروسا اخرى في التماس طرق العيش في المجتمع المحافظ المسيج بقواعد التقاليد الاصيلة و المرجعية الدينية و الاجتماعية السائدة. السؤال الان عن الفرق بين الامس و اليوم….ليس في الاسلوب، بل حتى في الفكر. و في النتيجة (يتبع)

اترك تعليقا